تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يستدل به على أن الشفق هو البياض حديث بشير بن أبي مسعود عن أبيه: أن {النبي صلى الله عليه وسلم صلى العشاء اليوم الأول حين اسود الأفق وربما أخرها حتى يجتمع الناس} , فأخبر عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في أوائل أوقاتها , وأخبر عنها في أواخرها , وذكر في أول وقت العشاء الآخرة اسوداد الأفق ; ومعلوم أن بقاء البياض يمنع إطلاق الاسم عليه بذلك. فثبت أن أول وقت العشاء الآخرة غيبوبة البياض. ومن يأبى هذا القول يقول: إن قوله: " حين اسود الأفق " لا ينفي بقاء البياض ; لأنه إنما أخبر عن اسوداد أفق من الآفاق لا عن جميعها , ولو أراد غيبوبة البياض لقال: حين اسودت الآفاق ; وليس يمتنع أن يبقى البياض وتكون سائر الآفاق غير موضع البياض مسودة. ويحتج القائلون بالبياض أيضا بحديث الزهري عن عروة عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم {كان يصلي العشاء الآخرة حين يستوي الأفق , وربما أخرها حتى يجتمع الناس} ; وهذا اللفظ يحتمل من المعنى ما احتمله قوله في الحديث الأول " حين اسود الأفق ". ومما يحتج به القائلون بالحمرة ما روى ثور بن يزيد عن سليمان بن موسى عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال: {سأل رجل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الصلاة فقال: صل معي. فصلى في اليوم الأول العشاء الآخرة قبل غيبوبة الشفق}. قالوا: ومعلوم أنه لم يصلها قبل غيبوبة الحمرة , فوجب أن يكون أراد البياض ; ولا تكون رواية من روى أنه صلاها بعدما غاب الشفق معارضة لحديث جابر هذا , من قبل أن معناه: بعدما غاب الشفق الذي هو الحمرة ; إذ كان الاسم يقع عليهما جميعا ليتفق الحديثان ولا يتضادا , ومن يجعل الشفق البياض يجعل خبر جابر منسوخا على نحو ما روي في خبر ابن عباس في المواقيت أنه صلى الظهر في اليوم الثاني وقت العصر بالأمس. ومما يحتج به القائلون بالحمرة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {أول وقت المغرب إذا غربت الشمس وآخره غيبوبة الشفق}. وفي بعض أخبار عبد الله بن عمر: " إذا غابت الشمس فهو وقت المغرب إلى أن يغيب الشفق " وفي لفظ آخر: " وقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق " قالوا: فالواجب حمله على أولهما وهو الحمرة ; ومن يقول بالبياض يجيب عن هذا بأن ظاهر ذلك يقتضي غيبوبة جميعه وهو بالبياض , فيدل ذلك على اعتبار البياض دون الحمرة ; لأنه غير جائز أن يقال قد غاب الشفق إلا بعد غيبوبة جميعه , كما لا يقال غابت الشمس إلا بعد غيبوبة جميعها دون بعضها. ولمن قال بالحمرة أن يقول: إن البياض والحمرة ليسا شفقا واحدا بل هما شفقان فيتناول الاسم أولهما غيبوبة ; كما أن الفجر الأول والثاني هما فجران وليسا فجرا واحدا , فيتناولهما إطلاق الاسم معا كذلك الشفق. ومما يحتج به للقائلين بالبياض , حديث النعمان بن بشير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم {كان يصلي العشاء لسقوط القمر الليلة الثالثة} , وظاهر ذلك يقتضي غيبوبة البياض. قال أبو بكر: وهذا لا يعتمد عليه ; لأن ذلك يختلف في الصيف والشتاء ولا يمتنع بقاء البياض بعد سقوط القمر في الليلة الثالثة , وجائز أن يكون قد غاب قبل سقوطه. قال أبو بكر: وحكى ابن قتيبة عن الخليل بن أحمد قال: راعيت البياض فرأيته لا يغيب ألبتة وإنما يستدير حتى يرجع إلى مطلع الفجر. قال أبو بكر: وهذا غلط ; والمحنة بيننا وبينهم ; وقد راعيته في البوادي في ليالي الصيف والجو نقي والسماء مصحية فإذا هو يغيب قبل أن يمضي من الليل ربعه بالتقريب , ومن أراد أن يعرف ذلك فليجرب حتى يتبين له غلط هذا القول. ومما يستدل به على أن المراد بالشفق البياض , أنا وجدنا قبل طلوع الشمس حمرة وبياضا قبلها وكانا جميعا من وقت صلاة واحدة ; إذ كانا جميعا من ضياء الشمس دون ظهور جرمها ; كذلك يجب أن تكون الحمرة والبياض جميعا بعد غروبها من وقت صلاة واحدة , للعلة التي ذكرناها)

ـ[ابن وهب]ــــــــ[14 - 10 - 02, 11:37 ص]ـ

(قال الجصاص

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير