جاء في البحر الرائق: إن النسب كما يثبت بالنكاح الصحيح يثبت بالنكاح الفاسد وبالوطء عن شبهته وبملك اليمين.
و في المبدع: ويلحق النسب في النكاح الفاسد كالصحيح وقيل إن اعتقد فساده فلا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " ... إن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج انه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فانه يلحقه فيه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين وان كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين سواء كان الناكح كافرا أو مسلما واليهودي إذا تزوج بنت أخيه كان ولده منه يلحقه نسبه ويرثه باتفاق المسلمين.
وان كان ذلك النكاح باطلا باتفاق المسلمين ومن استحله كان كافرا تجب استتابته وكذلك المسلم الجاهل لو تزوج امرأة في عدتها كما يفعل جهال الأعراب ووطأها يعتقدها زوجة كان ولده منها يلحقه نسبه ويرثه باتفاق المسلمين ومثل هذا كثير، فان ثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر بل الولد للفراش كما قال النبي الولد للفراش وللعاهر الحجر فمن طلق امرأته ثلاثا ووطأها يعتقد أنه لم يقع به الطلاق إما لجهله وإما لفتوى مفت مخطئ قلده الزوج وإما لغير ذلك فإنه يحلقه النسب ويتوارثان بالاتفاق بل ولا تحسب العدة إلا من حين ترك وطأها فإنه كان يطأها يعتقد أنها زوجته فهي فراش له فلا تعتد منه حتى تترك بالحق.
ومن نكح امرأة نكاحا فاسدا متفقا على فساده أو مختلفا في فساده أو ملكها ملكا فاسدا متفقا على فساده أو مختلفا في فساده أو وطأها يعتقدها زوجته الحرة أو أمته المملوكة فإن ولده منها يلحقه نسبه ويتوارثان باتفاق المسلمين والولد أيضا يكون حرا وان كانت الموطوءة مملوكة للغير في نفس الأمر ووطئت بدون إذن سيدها لكن لما كان الواطئ مغرورا بها زوج بها وقيل هي حرة أو بيعت فاشتراها يعتقدها ملكا للبائع تنما وطئ من يعتقدها زوجته الحرة أو أمته المملوكة فولده منها حر لاعتقاده وان كان اعتقاده مخطئا وبهذا قضى الخلفاء الراشدون واتفق عليه أئمة المسلمين.
فهؤلاء الذين وطئوا وجاءهم أولاد لو كانوا قد وطئوا في نكاح فاسد متفق على فساده وكان الطلاق وقع بهم باتفاق المسلمين وهم وطئوا يعتقدون أن النكاح باق لإفتاء من أفتاهم أو لغير ذلك كان نسب الأولاد بهم لاحقا ولم يكونوا أولاد زنا بل يتوارثون باتفاق المسلمين هذا في المجمع على فسادة فكيف في المختلف في فساده وان كان القول الذي وطئ به قولا ضعيفا كمن وطئ في نكاح المتعة أو نكاح المرأة نفسها بلا ولى ولا شهود فان هذا إذا وطئ فيه يعتقده نكاحا لحقه فيه النسب فكيف بنكاح مختلف فيه وقد ظهرت حجة القول بصحته بالكتاب والسنة والقياس وظهر ضعف القول الذي يناقضه وعجز أهله عن نصرته بعد البحث التام لانتفاء الحجة الشرعية.
فمن قال إن هذا النكاح أو مثله يكون فيه الولد ولد زنا لا يتوارثان هو وأبوه الوطىء مخالف لإجماع المسلمين منسلخ من رتبة الدين فان كان جاهلا عرف وبين له أن رسول الله وخلفاءه الراشدين وسائرا أئمة الدين الحقوا أولاد أهل الجاهلية بآبائهم وإن بالإجماع ولم يشترطوا في لحوق النسب أن يكون النكاح جائزا في شرع المسلمين فان أصر على مشاقة الرسول من بعد ما تبين له الهدى، واتبع غير سبيل المؤمنين، فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.
فقد ظهر أن من أنكر الفتيا بأنه لا يقع الطلاق وادعى الإجماع على وقوعه، وقال إن الولد ولد الزنى هو المخالف لإجماع المسلمين، مخالف لكتاب الله وسنة رسول الله رب العالمين، وأن المفتي بذلك أو القاضي بذلك فعل ما لا يسوغ له بإجماع المسلمين، وليس لأحد المنع من الفتيا بقوله، ولا القضاء بذلك، ولا الحكم بالمنع من ذلك باتفاق المسلمين، والأحكام باطلة بإجماع المسلمين.
أبو كوثر المقدشي
ـ[أبو كوثر المقدشي]ــــــــ[11 - 11 - 05, 04:15 ص]ـ
النكاح إذا اختل شرط من شروطه يكون غير صحيح ومنه الواقع على غير ولي، فإن كان بحيث لا يختلف فيه كأن يتزوج خامسة أو معتدة فإن دخل فيه فهو زنا -إن أقدم على ذلك وهو عالم بحرمته - وبالتالي يجب عليه الحد.
وأما إذا كان مختلفا فيه كالنكاح بلا ولي ووقع فيه الدخول فإنه لا يوجب حدا عند جمهور الفقهاء وذهب الإصطخري وغيره أنه يوجب حدا وهو ضعيف كما صرح به النووي في روضة الطالبين (7/ 51).
يقول ابن قدامة المقدسي:" ... ولا يجب الحد بالوطء في نكاح مختلف فيه كنكاح المتعة والشغار والتحليل والنكاح بلا ولي ولا شهود ونكاح الأخت في عدة أختها البائن وكنكاح الخامسة في عدة الرابعة)
وإذا حصل الدخول في النكاح المختلف فيه ومنه النكاح بلا ولي فإنه يجب المهر بنص الحديث ( .. فلها المهر بما استحل من فرجها) ولم يختلف الفقهاء في ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (4/ 188).: "يجب المهر في النكاح الفاسد بالسنة والاتفاق " منهاج السنة (4/ 188). وأما قبل الدخول فلا مهر.
¥