عليهم شحومها جملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه» ورواه الجماعة من طرق عن يزيد بن أبي حبيب به, وقال الزهري: عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها» ورواه البخاري ومسلم جميعاً, عن عبدان عن ابن المبارك عن يونس عن الزهري به, وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم, حدثنا إسماعيل بن إسحاق, حدثنا سليمان بن حرب, حدثنا وهب, حدثنا خالد الحذاء عن بركة أبي الوليد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قاعداً خلف المقام, فرفع بصره إلى السماء فقال «لعن الله اليهود ـ ثلاثاً ـ إن الله حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها وإن الله لم يحرم على قوم أكل شيء إلا حرم عليهم ثمنه».
وقال الإمام أحمد: حدثنا علي بن عاصم, أنبأنا خالد الحذاء عن بركة أبي الوليد, أنبأنا ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً في المسجد مستقبلاً الحجر فنظر إلى السماء فضحك فقال «لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها, وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه» ورواه أبو داود من حديث خالد الحذاء, وقال الأعمش: عن جامع بن شداد عن كلثوم عن أسامة بن زيد, قال: دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض نعوده, فوجدناه نائماً قد غطى وجهه ببرد عدني فكشف عن وجهه وقال: «لعن الله اليهود يحرمون شحوم الغنم ويأكلون أثمانها» وفي رواية «حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها» وفي لفظ لأبي داود عن ابن عباس مرفوعاً «إن الله إذا حرم أكل شيء حرم عليهم ثمنه».
ثم إنه تعالى حرم أشياء كثيرة في التوراة كما قال في سورة الأنعام: {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون} أي إنما حرمنا عليهم ذلك, لأنهم يستحقون ذلك بسبب بغيهم وطغيانهم ومخالفتهم رسولهم واختلافهم عليه, ولهذا قال: {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً} أي صدوا الناس وصدوا أنفسهم عن اتباع الحق وهذه سجية لهم متصفون بها من قديم الدهر وحديثه, ولهذا كانوا أعداء الرسل وقتلوا خلقاً من الأنبياء, وكذبوا عيسى ومحمداً صلوات الله وسلامه عليهما.
تفسير السعدي ج1/ص278
قال وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر وذلك كالإبل وما أشبهها ومن البقر والغنم حرمنا عليهم بعض أجزائها وهو شحومهما وليس المحرم جميع الشحوم منها بل شحم الألية والترب ولهذا استثنى الشحم الحلال من ذلك فقال إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أي الشحم المخالط للأمعاء أو ما اختلط بعظم ذلك التحريم على اليهود جزيناهم ببغيهم أي ظلمهم وتعديهم في حقوق الله وحقوق عباده فحرم الله عليهم هذه الأشياء عقوبة لهم ونكالا وإنا لصادقون في كل ما نقول ونفعل ونحكم به ومن أصدق من الله حديثا ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون
أحكام أهل الذمة لابن القيم:
فصل المسألة الثالثة إذا ذبحوا ما يعتقدون تحريمه كالإبل والنعام والبط وكل ما ليس بمشقوق الأصابع هل يحرم على المسلم ...
فتاوى العثيمين:
فاليهود حرم الله عليهم كل ذي ظفر مثل الإبل، وكذلك كل ذي رجل غير مشقوقة أي مالها أصابع ولا فرق بعضها من بعض فهو حرام عليهم، ومن البقر والغنم حرم الله عليهم شحومهما إلا ماحملت ظهورهما، أو الحوايا أو مااختلط بعظم. فهذا منسوخ بشريعتنا، فإن الله تعالىقد أحل لنا ذلك.
وأما مثال ما وافق شريعتنا فكثير مثل قوله تعالى:] يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون [(2) ومثل قوله تعالى الذي أشرنا إليه سابقاً:] أم لم ينبأ بما في صحف موسى. وإبراهيم الذي وفى. ألا تزر وازرة وزر أخرى. وأن ليس للإنسان إلا ماسعى ... [(3) وأمثلة ذلك كثيرة.
بدائع الفوائد
¥