تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ} [المائدة: 72] فأخبر أنه أمرهم بالتوحيد ونهاهم عن أن يشركوا به، أو بغيره كما فعلوه.

ولما كان أصل دين اليهود الكبر عاقبهم بالذلة {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ} [آل عمران: 112]. ولما كان أصل دين النصارى الإشراك لتعديد الطرق إلى الله أضلهم عنه، فعوقب كل من الأمتين على ما اجترمه بنقيض قصده: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]. كما جاء في الحديث: (يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة في صور الذر يطؤهم الناس بأرجلهم). وكما في الحديث عن عمر بن الخطاب موقوفًا ومرفوعًا: (ما من أحد إلا في رأسه حكمة، فإن تواضع قيل له: انتعش نعشك الله، وإن رفع رأسه قيل له: انتكس نكسك الله)، وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، وقال تعالى: {بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ} [الزمر: 59: 61].

ولهذا استوجبوا الغضب والمقت. والنصارى لما دخلوا في البدع أضلهم عن سبيل الله فضلوا عن سبيل الله وأضلوا كثيرًا وضلوا عن سواء السبيل، وهم إنما ابتدعوها ليتقربوا بها إليه ويعبدوه، فأبعدتهم عنه وأضلتهم عنه وصاروا يعبدون غيره. /فتدبر هذا والله ـ تعالى ـ يهدينا صراطه المستقيم صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

وقد وصف بعض اليهود بالشرك، في قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ} [التوبة: 30]، وفي قوله: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [المائدة: 60]، ففي اليهود من عبد الأصنام، وعبد البشر، وذلك أن المستكبر عن الحق يبتلى بالانقياد للباطل، فيكون المستكبر مشركًا، كما ذكر الله عن فرعون وقومه: أنهم كانوا مع استكبارهم وجحودهم مشركين، فقال عن مؤمن آل فرعون: {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ} [غافر: 41: 43]، وقال: {وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ} الآية [غافر: 34]. وقال يوسف الصديق لهم: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [يوسف: 39، 40]، وقد قال تعالى: {وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف: 127].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير