وقد ذكر الله منهم في مواضع متفرقة من القرآن: سبعة، هم: آدم، وهود، وصالح، وشعيب، وإسماعيل، وإدريس، وذو الكفل، ومحمد - صلى الله عليهم أجمعين -.
وذكر ثمانية عشر منهم في موضع واحد، في أربع آيات متواليات من سورة الأنعام: (83 - 86) وهم: إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، ونوح، وداود، وسليمان، وأيوب، ويوسف، وموسى، وهارون، وزكريا، ويحيى، وعيسى، وإلياس، وإسماعيل، واليسع، ويونس، ولوط.
ومن هذا العدد: خمسة هو أولو العزم من الرسل، وهم الذين ذكرهم الله - سبحانه - بقوله: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم} [الأحزاب / 7].
ومن هذا العدد المبارك: أربعة من العرب، وهم: هود، وصالح، وشعيب، ومحمد - صلى الله عليهم وسلم أجمعين - (25).
وذكر الله - سبحانه - ولد يعقوب باسم: " الأسباط " ولم يذكر اسم أحد منهم سوى: يوسف - عليه السلام - وهم اثنا عشر ابناً ليعقوب - عليه السلام - ليس فيهم نبي سوى يوسف - عليه السلام - وهو الذي قواه ابن كثير - رحمه الله تعالى - في " تاريخه ". وقيل: بل كانوا جميعهم أنبياء.
والآيات التي يرد فيها ذكر: " الأسباط " المراد بهم شعوب بني إسرائيل، وما كان يوجد فيهم من الأنبياء، وقد ثبت في السنة تسمية نبيين هما: شيت بن آدم، ويوشع بن نون - عليهم السلام -.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: " كل الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة: نوحاً، وشعيباً، وهوداً، وصالحاً، ولوطاً، وإبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، وإسماعيل، ومحمداً صلى الله وسلم عليهم أجمعين ".
وكل الأنبياء والرسل: رجال، أحرار، من البشر، من أهل القرى والأمصار، ليس فيهم امرأة، ولا ملك، ولا أعرابي، ولا جني.
وكلهم على غاية الكمال في الخِلقة البشرية، والأخلاق العلية، مصطفون من خيار قومهم، الذين بعثهم الله فيهم، وبلسانهم، من خيارهم خِلقة، وخُلُقاً، ونسباً ومواهب، وقدرات، معصومون في تحمل الرسالة، وتبلغيها، ومن كبائر الذنوب، واقترافها، وإن وقعت صغيرة فلا يقرون عليها، بل يسارع النبي إلى التوبة منها، والتوبة تغفر الحَوبَة.
وكل نبي يبعث إلى قومه خاصة إلا محمداً - صلى الله عليه وسلم - فبعثته عامة إلى الثقلين.
وكل نبي يبعث بلسان قومه.
وقد يبعث الله -سبحانه - نبياً وحده، أو رسولاً وحده، وقد يجمع الله بعثة نبيين اثنين، أو نبي ورسول، أو أكثر من ذلك في زمن واحد، ومن ذلك:
أن الله - سبحانه - بعث نبيه ورسوله إبراهيم - عليه السلام - وبعث في زمنه: لوطاً - عليه السلام - وهو ابن أخيه.
وبعث الله - سبحانه - إسماعيل، وإسحاق - عليهما السلام -، في زمن واحد.
وبعث الله - سبحانه - يعقوب، وابنه يوسف - عليهما السلام - في زمن واحد. وبعث الله - سبحانه موسى، وأخاه هارون - عليهما السلام - في زمن واحد، قيل: وشعيب - عليه السلام - الذي أدركه موسى، وتزوج ابنته. وهو غلط، كما قرره المفسرون منهم ابن جرير - رحمه الله تعالى - في: " الجواب الصحيح: 2/ 249 - 250 ".
وبعث الله - سبحانه - داود وابنه سليمان - عليهما السلام - في زمن واحد.
وبعث الله - سبحانه - زكريا، ويحيى - عليهما السلام - في زمن واحد.
وقال - تعالى - في سورة " يس ": {واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} [إلى آخر الآيات / 13 - 17 من سورة يس].
وقد اختار ابن كثير - رحمه الله - أنهم ثلاثة رسل من رسل الله - تعالى -.
وكلهم بعثهم الله مبشرين، ومنذرين، ولتحقيق العبودية لله - سبحانه - وتوحيده، وأدى كل واحد منهم - عليهم السلام - الأمانة، وبلغ، وبشر، وأنذر، وقد أيدهم الله بالمعجزات الباهرات، والآيات الظاهرات.
والرسل أفضل من الأنبياء، وقد فضل الله - سبحانه - بعضهم على بعض، ورفع بعضهم درجات، وأفضلهم جميعاً: خمسة هم أولو العزم من الرسل.
وأفضل الجميع على الإطلاق، بل أفضل جميع الخلائق: هو خاتمهم نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وأنه لا نبي بعده، وان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعث محمد صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين عامة.
¥