ـ[طلال العولقي]ــــــــ[23 - 11 - 05, 08:17 م]ـ
الشيخ الفاضل عبدالرحمن الفقيه
بارك الله فيكم وفي علمكم
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[23 - 11 - 05, 09:00 م]ـ
الأخوة الأفاضل عافانا وعافاكم الله، القول بالحلول الذاتي كفر محض لا خطأ، ولا يطلق مثل ذلك على الخطأ، اللهم أن يُقصد به الخطأ في العبارة لا الخطأ في الاعتقاد ..
وعلى كل؛ فإن المحققين من الصوفية لا يقولون بالحلول والاتحاد، إنما فُهم من ظاهر كلامهم وهو فهم ليس بمفهوم، بل نصوا في كتبهم في السلوك على كفر من اعتقد ذلك، والقول بالحلول والاتحاد، هو من معاني الفناء لا غير، وهو أمر روحي، والأصل فيه هو وحدة الوجود، وهي مرتبة في السلوك، تفهم عند أهلها، لا أن الوجود كله هو الله تعالى، فهذا كفر محض كما لا يخفى على عاقل، ومن ليس بعاقل لا يدخل في هذا المناط، إذ رفع عنه التكليف.
وقد خصص جد جدنا لوالدتنا الإمام أبو الفيض محمد بن عبد الكبير الكتاني رحمه الله تعالى في كتابه "البحر المسجور" في جواب المنكرين على الصوفية فصلا كاملا استغرق نحو ثلث الكتاب، في إبطال دعوى الحلول والاتحاد، وأن اعتقادها باطل، أبطل ذلك من حوالي عشرين وجها، وهو من أئمة التصوف كما لا يخفى، ومما قال فيه (والكتاب مطبوع بدار الكتب العلمية حديثا):
"وقد قال الغزالي في "المنقذ من الضلال" في مدح طريق الصوفية ما نصه: "ومن أول الطريق () يبتدي المكاشفات والمشاهدات، ثم يترقى في الحال إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق، ولا يحاول مخبر أن يعبر عنها إلا اشتمل لفظه على خطأ صريح، لا يمكن الاحتراز عنه. وعلى الجملة؛ ينتهي الأمر إلى قرب يكاد يتخيل طائفة منه الحلول، وطائفة الاتحاد، وطائفة الوصول، وكل ذلك خطأ! ".انتهى منه () ".
قال رحمه الله: "يعني: أن القرب صحيح، لكن تخيل ذلك القرب حلولا أو اتحادا خطأ؛ فليس ثمة شيء من ذلك، وإنما نطاق النطق يضيق عن التعبير عما وجده بوجه لا يوهم الخطأ. فلهذا قال النووي () بوجوب التأويل لأقوال الأولياء؛ لأن وجدانهم صحيح، والتعبير عنه بحيث لا يتخيل منه خطأ متعسر أو متعذر، فيظن السامع الذي لا ذوق عنده أنه قول بالحلول والاتحاد، وليس كذلك في نفس الأمر".
و"قال ابن خلدون في مقدمة "التاريخ" بعد كلام: "وقصرت مدارك من لم يشاركهم في طريقهم عن فهم أذواقهم، وأهل الفتيا ما بين منكر عليهم ومسلم لهم، وليس البرهان والدليل بنافع في هذا الطريق ردا وقبولا؛ إذ هي من قبيل الوجدانيات" (). انتهى المراد منه. فقف على قوله: "إن البرهان ليس بنافع في هذا الطريق ردا وقبولا". انتهى كلامه بتمامه رحمه الله.
ومعلوم شرعا أن إدخال ألف كافر الإسلام بشبهة واحدة خير من إخراج واحد بألف شبهة، كما نص عليه السبكي رحمه الله، وفي الحديث: "ادرؤوا الحدود بالشبهات" ... والله أعلم.
نعم؛ يحذر طالب العلم من قراءة تلك الكتب، لما قد تفضي بقارئها غير المتمكن إلا الضلال والزندقة والعياذ بالله، كما يحذر الطالب المبتديء من قراءة كتب المقاصد لما قد تفسد عليه علمه إذا لم يمتلك الأدوات.