2 - و قال اخرون: اذا كان الاختلاف في الدين منهيا عنه , فلماذا تقولون في اختلاف الصحابة و الائمة من بعدهم؟ و هل ثمة فرق بين اختلافهم و اختلاف غيرهم من المتأخرين؟
فالجواب: نعم , هناك فرق كبير بين الاختلافين, و يظهر ذلك في شيئين:
الأول: سببه
و الاخر: أثره.
فأما اختلاف الصحابة, فإنما كان عن ضرورة و اختلاف طبيعي منهم في الفهم , لا اختيارا منهم للخلاف , يُضاف إلى ذلك أمور اخرى كانت في زمنهم, استلزمت اختلافهم ثم زالت من بعدهم -راجع -الإحكام في أصول الأحكام - لابن حزم و -حجة الله البالغة- للدهولوي , أو رسالته الخاصة بهذا البحث -عقد الجيد في أحكام الاجتهاد و التقليد-.
و مثل هذا الاختلاف لا يمكن الخلاص منه كليا, و لا يلحق أهله الذم الوارد في الايات السابقة و ما في معناها, لعدم تحقق شرط المؤاخذة, و هو القصد أو الإصرار عليه.
و أما الإختلاف القائم بين المقلدة , فلا عذر لهم فيه غالبا , فإن بعضهم قد تتبين له الحجة من الكتاب و السنة, و أنها تؤيد المذهب الاخر الذي لا يتمذهب به عادة , فيدعها لا لشيء إلا لأنها خلاف مذهبه, فكأن المذهب عنده هو الأصل, أو هو الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه و سلم, و المذهب الاخر هو دين اخر منسوخ!
و اخرون منهم على النقيض من ذلك, فإنهم يرَون هذه المذاهب -على ما بينها من اختلاف واسع- كشرائع متعددة, كما صرح بذلك بعض متأخريهم , لا حرج على المسلم أن يأخذ من أيها ما شاء , و يدع ما يشاء إذ الكل شرع! و قد يحتج هؤلاء و هؤلاء على بقائهم في الإختلاف بذلك الحديث الباطل -إختلاف أمتي رحمة- و كثيرا ما سمعناهم يستدلون به على ذلك!
و يعلل بعضهم هذا الحديث و يوجهونه بقولهم: إن الإختلاف إنما كان رحمة , لأن فيه توسعة على الأمة! و مع أن هذا التعليل مخالف لصريح الايات المتقدمة , و فحوى كلمات الأئمة السابقة , فقد جاء النص عن بعضهم برده.
قال ابن القاسم:
-سمعت مالكا و الليث يقولان في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم -ليس كما قال الناس *فيه توسعة* , ليس كذلك , إنما هو خطأ و صواب- ابن عبد البر في -جامع بيان العلم-
و قال أشهب:
-سُئل مالكمالك عمن أخذ بحديث حدثه ثقة عن أصحاب رسول الله عليه الصلاة و السلام , أتراه من ذلك في سعة؟
فقال: لا و الله حتى يُصيب الحق , ما الحق إلا واحد , قولان مختلفان يكونان صوابا جميعا؟! ما الحق إلا واحد- المصدر السابق.
-أكتفي بهذا-
منقول من المصدر الذي ذكرت أعلاه.
إن شاء الله يكون جوابا كافيا شافيا.
و إلا فأخوكم قليل عديم العلم قليل الفهم , و لكن يحب الحق.
و الله أعلم
ـ[أبو يوسف صنهاجي]ــــــــ[16 - 11 - 05, 06:43 ص]ـ
نريد الإفادة أكثر بارك الله فيكم
مع أني نقلت هذا الكلام لكن أخشى أن أكون أسأت الفهم.
أفيدونا بارك الله فيكم
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[17 - 11 - 05, 02:51 ص]ـ
أما عن قول المتحدث الذى نقلت كلامه أخى الناصر (هل الانكار على المخالف خطأ وانه كأن هذا المنكر على اخيه يخالف لارادة الله لان ارادة الله هي ان يكون هناك اختلاف في الامور الفقهيه)
فالرد عليه بأن نفرق أولا بين الإرادة الكونية و الإرادة الشرعية فليس كل ما أراده الله كونا إرتضاه شرعا فمثلا:
أراد الله الكفر و أمرنا بمحاربة الكافرين
و أراد المعاصى وامرنا بالإنكار على العصاة
فهل يعقل أن يقال أن الذى ينكر على الزناة يخالف إرادة الله لأن إرادة الله هى أن يكون هناك زنى
هذا قول الجبرية الذين يحتجون بالقدر على الشرع وقولهم كفر مبين
فالله تعالى أراد الإختلاف كونا ولم يرضه للمسلمين شرعا فقال جل وعلا (و أعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)
أما مسألة قولهم أن الإختلاف رحمة فقد تكلم فيه إخوننا فلا داعى للكلام فيه و يكفى للرد على هؤلاء أن الرحمة كل الرحمة فى التوحد والإجتماع ولو كان الإختلاف رحمة كما يقولون لكان إجتماعالأئمة عذاب وهذا لا يقوله أحد.
أما ما هو الخلاف الذى ننكر فيه وما الخلاف الذى لاننكر فيه فضابطه أن كل خلاف سائغ معتبر فلا إنكار فيه على من خالف لكونه يعتمد على دليل فالخلاف المعتبر هذا يكون فيه التناصح والدعوة إلى ما تراه راجحا بالحجة والبرهان
أما النوع الثانى فهو الخلاف غير السائغ فهذا يكون فيه الإنكار مثاله من يبيح نبيذ التمر أو من يجيز إمامة المرأة أو يجيز حلق اللحية فهذه أقوال صادمت النصوص الصريحة الصحيحة فيكون فيه الإنكار ولا عبرة بكلام المتحدث أنفا فى مثل هذه المواضع
ونصيحة لك أخى ناصر ألا تصغى كثيرا لنجوم الفضائيات هؤلاء
قال بن سيرين رحمه الله إن هذا العلم دين فأنظروا عمن تأخذون دينكم
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[17 - 11 - 05, 03:45 ص]ـ
راجع في شروط الإنكار وضوابطه وحدوده كتاب "سنن المهتدين في معالم الدين"، للإمام أبي عبد الله ابن المواق الغرناطي، فهو مفيد جدا في بابه ..
والقول بأن الإنكار رد لقضاء الله، هو قول الجبرية، وليس من مذهب أهل السنة والجماعة ..
ولسوء الحظ فقد تأثر كثير من الدعاة بالحوادث الوقتية، وأصبحوا يحرفون كلام الله من أجل إرضاء هذا وذاك، فإنا لله وإنا إليه راجعون على فساد الزمان وأهله ..
¥