استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
الدليل الأول:
عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال: (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، قال أبو حازم: لا أعلمه إلاَّ ينمي ذلك إلى النبي ?)
قال إسماعيل: (يُنمى ذلك، ولم يقل يَنمي) (1)
الشبه التي لفقها صاحب كراهة القبض المئنة:
وتمسك بها لنفي حديث سهل بن سعد هذا:
الشبهة الأولى:
قال في ص 7 ـ 12: (ففي هذا الحديث ثلاث جمل: للصحابي سهل , وجملتان للتابعي أبي حازم)
فأما جملة سهل وهي (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة) فإن سهلا لم يسند الأمر إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وإنما بناه للمجهول , وقد اختلف أئمة السلف في حكم بناء الصحابي الأمر للمجهول على قولين: - قول بأنه في حكم المرفوع , قال الحافظ في الفتح عند المرجع الآنف: هذا حكمه الرفع لأنه محمول على أن الآمر لهم بذلك هو النبي – صلى الله عليه وسلم –. فقوله: هذا حكمه الرفع مشعر بأنه غير مرفوع , وقوله: لأنه محمول الخ مشعر بأن هناك ريباً وشكًا. وإلا لما استقام ما قال إذ لا يقال للمرفوع: هذا حكمه الرفع لأنه محمول الخ.
وقول بأنه موقوف وهو قول فريق من الأيمة منهم أبو بكر الإسماعيلي , وفي إبرام النقض , ص 30: وقد نص ابن عبد البر في ((التقصي)) على أن هذا الأثر موقوف على سهل ليس إلا. .
والقول الأول لأكثر أهل العلم , انظر السخاوي علي ألفية العراقي جزء -1 - 114 وانظر الباحث الحثيث للحافظ ابن كثير -46 - 47 - . وقد استأنس الحافظ في الفتح عند المرجع الآنف لرفع حديث سهل بحديث ابن مسعود بقوله: وقد ورد في سنن أبي داوود والنسائي وصحيح ابن السكن شيء يستأنس به على تعيين الآمر والمأمور فروى عن ابن مسعود قال: (رآني النبي – صلى الله عليه وسلم – وقد وضعت شمالي على يميني في الصلاة فأخذ يميني فوضعها على شمالي). إسناده حسن اهـ.
ومن المعلوم أن الاستئناس من أوضح الأدلة على عدم صحة المستأنس له والمستأنس به معاً فهو دليل على عدم رفع حديث سهل صراحة وعلى ضعف سند حديث ابن مسعود لأن المرفوع المتصل الصحيح لا يستأنس به ولا يستأنس له على إثبات حكم لأن الحكم ثابت به بدون استئناس ولأن الاستئناس يدل على الضعف.
وأما جملة أبي حازم الأولى وهي (لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -) فإن معنى لا أعلمه الخ لا أظن سهلا إلا ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم – فالعلم هنا بمعنى الظن إذ لا يتأتى لأحد أن يسند إلى يقينه إرادة آ خر بدون قول أو فعل منه ولهذا اعترضه الداني في أطراف الموطأ فقال: هذا معلول لأنه ظن من أبي حازم اهـ انظر الفتح عند المرجع الآنف إذا لو كان أبو حازم جازما لقال: قال سهل: (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة وينمي ذلك إلى النبي – صلى عليه وسلم -) لكن أبا حازم لم يكن لينمي إلى سهل جزما إلا إذا نماه سهل وسهل لم ينمه فاتضح أنه ظن من أبي حازم كما قال الداني ويدل عليه جملته الأخرى الآتية قريباً – إن شاء الله.
ولقد تكلف الحافظ عند المرجع الآنف في الرد علي هذه العلة وأطال لأنه ليس للقبض إسناد صحيح إلى صحابي إلا هذا الإسناد فقط إلا أن الصحابي لم يسنده إلى النبي –صلى الله عليه وسلم – ولو كان في الباب حديث صحيح لكفاه مؤنة التكلف في الرد على هذه العلة ولما احتاج إلى الاستئناس كما مر.
أما جملة أبي حازم الأخرى وهي (قال إسماعيل: ينمي ذلك ولم يقل: ينمي) فإن البخاري اختصرها اتكالا على وضوحها مما قبلها.
والمعنى أن البخاري روى عن إسماعيل بن أبي أويس شيخ البخاري وابن أخت مالك عن أبي حازم عن سهل قال:
(كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة قال أبو حازم لا أعلمه إلا ينمي ذلك. اهـ.
¥