تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: ففي هذا النقل كثير من التمويه والخلط والتكلف وعدم الأمانة في النقل، وكله يدور حول نفي حديث سهل بن سعد الساعدي في سنية وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، وأنى له ذلك، فنعوذ بالله من الهوى والعمى فكيف يسوغ للإنسان أن يرضى لنفسه أن يصل به الهوى إلى مثل هذا: يجمع الشبه ويتشبث بها ويترك الرد عليها، وذلك لأجل إنكار السنن لأنها هي النتيجة المنشودة عنده، وهيهات هيهات، فسنية وضع اليمنى على اليسرى في القيام في الصلاة ثابتة بالسنة الصحيحة الصريحة،

ولله در القائل:

وما للسدل من أثر ضعيف ... يكافح إن ألم به الأعادي

فما للسدل فضل بعد هذا ... عليه سوى الشذوذ والانفراد

فأهل القبض أبهى الخلق نوراً ... وأقربهم إلى مجُري الأيادي

به ألقى الإله ولا أبالي ... وإن سلقوا بألسنة حداد

وألغي ما سواه ولست أصغي ... لمانع الاقتداء بخير هادي

فذا فعل النبي فلا تدعه ... لإرضاء الصديق ولا المعادي، (1)

ومن ألف فقد استهدف، فالواجب على الكاتب أو المؤلف التجرد من كل العواطف لا سيما عواطف مخالفة السنة، لأن حبك الشيء يعمي ويصم، فترى صاحب البدعة يتبع كل شاهق وناهق لانتصار بدعته ونفي ما يقابل ذلك من السنة، وسوف أتعقب تلك الشبه واحدة بعد الأخرى إن شاء الله.

ومن عدم الأمانة في النقل، هو أنك تنقل من الكلام ما يوافق هواك، وتترك ما يخالفه، فلما ذا لا تنقل كلام الحافظ ابن حجر والنووي كاملاً؟ ولا تنقل كلام ابن عبد البر، والعراقي، والعيني وغيرهم؟ وسأنقل إليك كلامهم كاملاً، وأفيدك علماً بأن الحافظ ابن حجر لم يتكلف في رده على الداني ولم يطل كما زعمته في رسالتك، وإنما نقل كلام بعض العلماء الحفاظ، مثل مالك وابن وهب ومعن بن عيسى وابن يوسف والدارقطني وغيرهم كما سيأتي، وقد سبقه إلى ذلك كل العلماء: منهم ابن عبد البر والخطيب البغدادي وابن حزم والنووي وكذلك العيني ممن عاصروه وغيرهم، على ما سيأتي إن شاء الله،

وإليك بعض أقوالهم، قال النووي: (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه في الصلاة) قال أبو حازم لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي ? وهذه العبارة صريحة في الرفع إلى رسول الله ?، وهو حديث صحيح مرفوع (1)، وقال: إذا قال التابعي: عند ذكر الصحابي يرفعه أو ينميه أو يبلغ به أو رواية: فكله مرفوع متصل بلا خلاف، وأما إذا قال الصحابي: أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا أو من السنة كذا فكله مرفوع على المذهب الصحيح الذي قاله الجماهير من أصحاب الفنون، وقيل موقوف (2)،

قال الخطيب البغدادي:

باب في قول التابعي عن الصحابي يرفع الحديث وينميه ويبلغ به … فهو عن النبي ?، قال أخبرنا بشرى بن عبد الله قال أنا محمد بن بدر قال ثنا بكر بن سهل قال ثنا عبد الله بن يوسف قال أنا مالك بن أنس عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي انه قال (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة قال أبو حازم لا أعلم إلا أنه ينمى ذلك) قال مالك يرفع ذلك، (3)

قال ابن عبد البر: ينمي ذلك: يعني يرفعه إلى ? وهو مرفوع من طرق شتى (4)

قال ابن حزم: هذا راجع في أقل أحواله إلى فعل الصحابة رضي الله عنهم إن لم يكن مسنداً (1)،

قال الحافظ ابن حجر: قوله كان الناس يؤمرون: هذا حكمه الرفع لأنه محمول على أن الآمر لهم بذلك هو النبي ?، واعترض الداني في أطراف الموطأ فقال: هذا معلول: لأنه ظن من أبي حازم: وَرُدَّ: بأن أبا حازم لو لم يقل لا أعلمه إلخ لكان في حكم المرفوع: لأن قول الصحابي كنا نؤمر بكذا يصرف بظاهره إلى من له الأمر وهو النبي ?: لأن الصحابي في مقام تعريف الشرع فيحمل على من صدر عنه الشرع ومثله قول عائشة: كنا نؤمر بقضاء الصوم فإنه محمول على أن الآمر بذلك هو النبي ?، وأطلق البيهقي أنه لا خلاف في ذلك بين أهل النقل والله أعلم، وقد ورد في سنن أبي داود والنسائي وصحيح بن السكن شيء يستأنس به على تعيين الآمر والمأمور فروى عن بن مسعود قال رآني النبي صلى الله عليه وسلم واضعا يدي اليسرى على يدي اليمنى فنزعها ووضع اليمنى على اليسرى إسناده حسن قيل: لو كان مرفوعا ما أحتاج أبو حازم إلى قوله لا أعلمه إلخ، والجواب أنه أراد الانتقال إلى التصريح فالأول لا يقال له مرفوع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير