تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[عموم المتصوفة من أهل السنة]

ـ[لطف الله خوجه]ــــــــ[14 - 11 - 05, 07:56 ص]ـ

الفكرة لا تجمع نقيضين.

قضية التصوف من المعارك، حتى بين المعارضين؛ ذلك أن:

- منهم من يجعله على قسمين: معتدلٍ، وغالٍ.

- ومنهم من ينكر هذه القسمة، ولا يرى التصوف إلا وجها واحدا، فلسفيا غاليا.

ولو تأملنا في حقيقة الخلاف لوجدنا: منزع هذا غير هذا.

فالفريق الأول قد جعل التصوف على قسمين، نظرا منه إلى (الأشخاص)، فمنهم المعتدل، ومنهم الفيلسوف الغالي، وهو كذلك، وأما الفريق الثاني فقد ذهب إلى إنكار القسمة نظرا منه إلى (الفكرة). وفي هذه الحال كلا الفريقين مصيب، لاختلاف محل النزاع، أما لو اتحد محل النزاع فلا:

- فلو كان الحكم مبنيا على أساس النظر إلى (الأشخاص)، فلا يصح القول بأن التصوف وجه واحد، لا قسمة فيه؛ ذلك أن الواقع يقرر وجود الأشخاص المعتدلين والغالين. يقول نيكلسون: " يقال إجمالا: إن كثيرين منهم كانوا من خيار المسلمين، وإن كثيرين منهم لم يكونوا مسلمين إطلاقا، ولعلها أن تكون أكبر الثلاثة مسلمة تقليدا". الصوفية في الإسلام ص33

- ولو كان الحكم مبنيا على أساس النظر إلى (الفكرة)، فلا يصح القول بأن التصوف على قسمين: معتدلٍ، وغالٍ؛ فإنه من المستحيل أن تنقسم الفكرة (في ذاتها) إلى: معتدلة، وغالية .. سنية، وفلسفية؛ فهذا القول يهدم نفسه بنفسه، ويحمل في طياته ما ينقضه جملة وتفصيلا:

فلا يتصور أن تجمع الفكرة الواحدة بين نقيضين، كما لا يمكن أن يتسع المكان الواحد لنقيضين:

- فإذا جاء الليل ذهب النهار، وإذا جاء النهار ذهب الليل.

- وإذا آمن المرء انتفى الكفر، وإذا كفر انتفى الإيمان.

ومن المحال اجتماعهما في مكان واحد، نعم قد تكون الفكرة على درجات، قوة وضعفا، لكن كل ذلك له حد معلوم، إذا خرج عنه انتفى الانتساب إلى الفكرة.

والأمر المشهور المعروف: أن التصوف فكرة، لها قواعد وأصول معروفة، من تحقق بها فهو متصوف حقيقة، ومن لم يتحقق بها، وكان ممتثلا لبعض فروعها، فنسبته إلى التصوف من باب التجوز في الإطلاق، ولا يأخذ حكم الصوفي الحقيقي الخالص، (وهذا حال أكثر المنتسبين إلى التصوف).

فالأشخاص متفاوتون في التحقق بالفكرة، فما مثلهم ومثل التصوف إلا كنقطة حولها دوائر، فالنقطة هي الفكرة، ومن كان على الدائرة القريبة كان أكثر قربا من الفكرة، فما يزال يدور حول النقطة حتى يتماهى فيها، فيتحقق بها، وحينذاك يكون صوفيا خالصا، وكلما ابتعدت الدائرة عن النقطة، كلما كان من عليها أبعد عن التحقق، حتى نصل إلى أفراد ليس لهم من التصوف إلا رسوم ظاهرة، لا تسمى في حقيقة الأمر تصوفا، ولا يسمون متصوفة، إلا من باب التجوز.

فإذا تقرر أن التصوف فكرة واحدة، بأصولها وقواعدها، والمتصوفة يقرون بهذا، فيبطل حينئذ أن تجمع بين السنة والفلسفة، فهي إما أن تكون سنية أو فلسفية؛ أما أن تكون كلتيهما فذلك باطل، لأنه محال، لما تقدم، فالسنة تناقض الفلسفة أصلا، فهما دينان مختلفان، السنة دين الرسول صلى الله عليه وسلم، والفلسفة دين الوثنين عباد الأصنام، من حكماء الهند والفرس واليونان.

هذه الحقيقة فرضت سلطانها على المستشرق نيكلسون، الذي قال: "ولعله أن يقال: كيف يمكن لدين أقامه محمد على التوحيد الخالص المتشدد أن يصبر على هذه النحلة الجديدة، بله أن يكون معها على وفاق؟.

وإنه ليبدو أن ليس في الوسع التوفيق بين الشخصية الإلهية المنزهة، وبين الحقيقة الباطنة الموجودة في كل شيء، التي هي حياة العالم وروحه، وبرغم هذا فالصوفية بدل أن يطردوا من دائرة الإسلام، قد تقبلوا فيها!!. وفي تذكرة الأولياء شواهد على الشطحات الغالية للحلولية الشرقية". الصوفية في الإسلام ص31

* * *

فإن قيل: فأين (الأضداد)؟.

أليست هي كلمات عربية تحمل معاني متضادة، فلم لا تكون (التصوف) منها؟.

قيل:

أولا: كلمة "صوفية" ليست من الأضداد.

ثم إن كلامنا في المصطلحات، لا في مجرد كلمات عربية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير