تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - الإمام النووي، وقد عاش في القرن السابع؛ حيث نقل في كتابه: (روضة الطالبين) (2) الاتفاق على ذلك، فقال في حكم النظر إلى المرأة: «والثاني: يحرم، قاله الاصطخري وأبو علي الطبري، واختاره الشيخ أبو محمد، والإمام، وبه قطع صاحب المهذب والروياني، ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات، وبأن النظر مظنة الفتنة، وهو محرك للشهوة؛ فاللائق بمحاسن الشرع، سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال، كالخلوة بالأجنبية».

3 - أبو حيان الأندلسي المفسر اللغوي، وقد عاش في القرن الثامن، قال في تفسيره (البحر المحيط) (3): «وكذا عادة بلاد الأندلس، لا يظهر من المرأة إلا عينها الواحدة».

4 - ابن حجر العسقلاني، وقد عاش في القرن التاسع، قال في الفتح (4): «استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى: المساجد، والأسواق، والأسفار منتقبات؛ لئلا يراهن الرجال».

5 - ابن رسلان، الذي حكى «اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لا سيما عند كثرة الفساق» (5).

وهكذا كان الحال في بدايات القرن الأخير؛ فقد ظهر التصوير قبل مائة وخمسين عاماً، تقريباً، وصوَّر المصورون أحوال كثير من البلاد الإسلامية، منذ مائة عام، وزيادة، وفيها ما يحكي واقع حال النساء في بلاد الإسلام: تركستان، الهند، وأفغانستان، وإيران، والعراق، وتركيا، والشام، والحجاز، واليمن، ومصر، والمغرب العربي؛ حيث الجميع محجبات الوجوه والأبدان حجاباً كاملاً سابغاً، حتى في المناطق الإسلامية النائية، كجزيرة زنجبار في جنوبي إفريقيا، في المحيط الهندي، وقد زرتها عام 1420هـ، ودخلنا متحفها القديم، ورأينا صور سلاطينها من العمانيين، وصور نسائها، وكن جميعاً محجبات على الصفة الآنفة، وعندنا شاهد في هذا العصر: المرأة الأفغانية؛ فحجابها السابغ الذي يغطي جميع بدنها، حتى وجهها، قريب إلى حد كبير مما كان عليه النساء في سائر البلدان. فهذا الحال أشهر ما يستدل له؛ فالصور أدلة يقينية؛ فقد ظلت المرأة متمسكة بهذا الحجاب الكامل إلى عهد قريب، ولم يظهر السفور إلا بعد موجات الاستعمار والتغريب، حيث كان من أولويات المستعمر:

- نزع حجاب المرأة.

- تعطيل العمل بالشريعة.

وقد اتُّخذ لتحقيق هذين الهدفين طريقان: القوة، والشبهة. والأخطر طريق الشبهة.

لقد ظهر من يدعو وينادي بالسفور، من على المنابر، والصحف، والكتب، باعتبار أن كشف الوجه مسألة خلافية؛ حيث نظروا في تراث الإسلام، فتتبعوا مسائل الخلاف، وأفادوا منها في تأييد وإسناد دعواهم؛ فكانوا شَبَهاً بالمستشرقين، والفرق: أن المستشرقين بحثوا، وفتشوا للطعن في الإسلام نفسه، وهؤلاء بحثوا، وفتشوا للتشكيك في أحكام مستقرة، جرى عليها العمل، ومن ذلك: حجاب المرأة، وبخاصة كشف الوجه.

فوجدوا لطائفة من العلماء أقوالاً تجيزه، ولا تحرمه، لكن بشرط أمن الفتنة.

فأخذوا أقوالهم، وتركوا شروطهم. كما أخذوا قولهم بالجواز، وتركوا قولهم بالاستحباب.

ونسبوا قولهم الجديد، المحدَث، في جواز كشف الوجه مطلقاً، من غير قيد بشرط، ولا قيد بأفضلية إلى هؤلاء العلماء، فلم يحفظوا أمانة الأداء، ولم يحرروا نسبة الأقوال، ثم زعموا أنه قول جماهير العلماء.

وما كان لهم أن ينتسبوا لهؤلاء العلماء فيما أحدثوه من قول؛ فما هم منهم، ولا هم منهم.

ثم إنهم ربطوا بين السفور والتقدم، وزعموا أن سبب انحطاط الأمة، إنما كان باحتجاب المرأة، وبعدها عن ميدان الرجال. وسمع لهم من سمع، وانساق كثير من المسلمين لهذه الأفكار، لانتفاء الحصانة، وضعف القناعة، فتمثلوها، وطبقوها، فحدث في تاريخ الإسلام حدث غير سابق، غريب كل الغربة عن أخلاق المسلمين؛ حيث خرجت المرأة المسلمة سافرة، تتشبه في لباسها بالكافرة.

صارت المرأة في الصورة التي أرادها المتحررون، ومرت عقود، وشارف قرن على الأفول، لكن تلك البلدان المتحررة ما زالت من دول العالم الثالث؛ فأين التقدم الذي يجيء مع كشف الوجه، والتبرج، والاختلاط، وخروج المرأة من بيتها؟

والدعوات نفسها اليوم تعاد في مأرز الإسلام، ومأوى الإيمان، من دون اعتبار.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير