تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

انتهى المراد نقله من الأمثال والحكم من هذا الكتاب، ويليه بإذن الله الفوائد العامة.

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[07 - 01 - 06, 09:17 م]ـ

ص41:

فَأَمَّا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ مَعَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ، وَاتِّفَاقِهِمَا فِي الدَّلاَلَةِ وَالْمَدْلُولِ، فَهُوَ أَنَّ الْهَوَى مُخْتَصٌّ بِالآرَاءِ وَالاعْتِقَادَاتِ، وَالشَّهْوَةَ مُخْتَصَّةٌ بِنَيْلِ المستلذَّات، فَصَارَتْ الشَّهْوَةُ مِنْ نَتَائِجِ الْهَوَى وَهِيَ أَخَصُّ، وَالْهَوَى أَصْلٌ هُوَ أَعَمُّ.

ص43:

حَكَى أَبُو فَرْوَةَ أَنَّ طَارِقًا صَاحِبَ شُرْطَةِ خَالِدٍ الْقَسْرِيِّ مَرَّ بِابْنِ شُبْرُمَةَ وَطَارِقٌ فِي مَوْكِبِهِ فَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ:

أَرَاهَا وَإِنْ كَانَتْ تَخُبُّ كَأَنَّهَا * سَحَابَةُ صَيْفٍ عَنْ قَرِيبٍ تَقَشَّعُ

اللَّهُمَّ لِي دِينِي وَلَهُمْ دُنْيَاهُمْ.

فَاسْتُعْمِلَ ابْنُ شُبْرُمَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْقَضَاءِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ: أَتَذْكُرُ قَوْلَك يَوْمَ كَذَا إذْ مَرَّ بِك طَارِقٌ فِي مَوْكِبِهِ؟

فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إنَّهُمْ يَجِدُونَ مِثْلَ أَبِيك وَلاَ يَجِدُ أَبُوك مِثْلَهُمْ؛ إنَّ أَبَاك أَكَلَ مِنْ حَلوائهِمْ، فَحُطَّ فِي أَهْوَائِهِمْ.

ص56:

وَلَعَمْرِي إنَّ صِيَانَةَ النَّفْسِ أَصْلُ الْفَضَائِلِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَهْمَلَ صِيَانَةَ نَفْسِهِ ثِقَةً بِمَا مَنَحَهُ الْعِلْمُ مِنْ فَضِيلَتِهِ، وَتَوَكُّلاً عَلَى مَا يَلْزَمُ النَّاسَ مِنْ صِيَانَتِهِ، سَلَبوْهُ فَضِيلَةَ عِلْمِهِ وَوَسَمُوهُ بِقَبِيحِ تَبَذُّلِهِ، فَلَمْ يَفِ مَا أَعْطَاهُ الْعِلْمُ بِمَا سَلَبَهُ التَّبَذُّلُ؛ لِأَنَّ الْقَبِيحَ أَتمُّ مِنْ الْجَمِيلِ وَالرَّذِيلَةُ أَشْهَرُ مِنْ الْفَضِيلَةِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لِمَا فِي طَبَائِعِهِمْ مِنْ الْبِغْضَةِ وَالْحَسَدِ وَنِزَاعِ الْمُنَافَسَةِ تَنْصَرِفُ عُيُونُهُمْ عَنْ الْمَحَاسِنِ إلَى الْمَسَاوِئِ، فَلاَ يُنْصِفُونَ مُحْسِنًا وَلاَ يُحَابُونَ مُسِيئًا لاَ سِيَّمَا مَنْ كَانَ بِالْعِلْمِ مَوْسُومًا وَإِلَيْهِ مَنْسُوبًا، فَإِنَّ زَلَّتَهُ لاَ تُقَالُ وَهَفْوَتَهُ لاَ تُعْذَرُ إمَّا لِقُبْحِ أَثَرِهَا وَاغْتِرَارِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ بِهَا ..

وَإِمَّا لِأَنَّ الْجُهَّالَ بِذَمِّهِ أَغْرَى، وَعَلَى تَنَقُّصِهِ أَحْرَى؛ لِيَسْلُبُوهُ فَضِيلَةَ التَّقَدُّمِ وَيَمْنَعُوهُ مُبَايِنَةَ التَّخْصِيصِ عِنَادًا لِمَا جَهِلُوهُ وَمَقْتًا لِمَا بَايَنُوهُ؛ لِأَنَّ الْجَاهِلَ يَرَى الْعِلْمَ تَكَلُّفًا وَلَوْمًا، كَمَا أَنَّ الْعَالِمَ يَرَى الْجَهْلَ تَخَلُّفًا وَذَمًّا.

ص57:

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ لِابْنِهِ: عَلَيْك بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْعِلْمِ فَخُذْ مِنْهُ، فَإِنَّ الْمَرْءَ عَدُوُّ مَا جَهِلَ، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ عَدُوَّ شَيْءٍ مِنْ الْعِلْمِ، وَأَنْشَدَ:

تَفَنَّنْ وَخُذْ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ فَإِنَّمَا * يَفُوقُ امْرُؤٌ فِي كُلِّ فَنٍّ لَهُ عِلْمُ

فَأَنْتَ عَدُوٌّ لِلَّذِي أَنْتَ جَاهِلٌ * بِهِ وَلِعِلْمٍ أَنْتَ تُتْقِنُهُ سِلْمُ

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[14 - 01 - 06, 06:37 م]ـ

ص58:

الْمَالُ ظِلٌّ زَائِلٌ وَعَارِيَّةٌ مُسْتَرْجَعَةٌ وَلَيْسَ فِي كَثْرَتِهِ فَضِيلَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ فِيهِ فَضِيلَةٌ لَخَصَّ اللَّهُ بِهِ مَنْ اصْطَفَاهُ لِرِسَالَتِهِ، وَاجْتَبَاهُ لِنُبُوَّتِهِ.

وَقَدْ كَانَ أَكْثَرُ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ مَا خَصَّهُمْ اللَّهُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ وَفَضَّلَهُمْ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ، فُقَرَاءَ لاَ يَجِدُونَ بُلْغَةً وَلاَ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ، حَتَّى صَارُوا فِي الْفَقْرِ مَثَلاً، فَقَالَ الْبُحْتُرِيُّ:

فَقْرٌ كَفَقْرِ الأنْبِيَاءِ وَغُرْبَةٌ * وَصَبَابَةٌ لَيْسَ الْبَلاَءُ بِوَاحِدِ

وَلِعَدَمِ الْفَضِيلَةِ فِي الْمَالِ مَنَحَهُ اللَّهُ الْكَافِرَ وَحَرَمَهُ الْمُؤْمِنَ. قَالَ الشَّاعِرُ:

كَمْ كَافِرٍ بِاَللَّهِ أَمْوَالُهُ * تَزْدَادُ أَضْعَافًا عَلَى كُفْرِهِ

وَمُؤْمِنٍ لَيْسَ لَهُ دِرْهَمٌ * يَزْدَادُ إيمَانًا عَلَى فَقْرِهِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير