كنت قد وضعت مقالا في هذا المنتدى المبارك حول هذا الموضوع وتم مناقشته من قبل الأخوة
وإليك المقال:
التحذير من تنزيل آيات القرآن وألفاظ الأذان رنات لأجهزة النقال
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أجمعيبن
أما بعد:
فقد انتشر أخيرا بين المسلمين عوامهم وخواصهم اتخاذ ألفاظ الأذان وآيات القرآن رنات لأجهزتهم النقالة؟ ََ!!.
ابتعادا منهم عن نغمات الموسيقى المحرمة رغبة منهم في الخير ولكن _ وكم من مريد للخير لا يدركه _
فألفاظ الأذان وآيات القرآن إنما هي ألفاظ تعبدية، وقد جعلها الشارع منوطة بأحكام الشرع من قراءة ونداء إلى الصلاة كما جاء في الأحاديث الدالة على ذلك.
فعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم) متفق عليه.
وكما جاء عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما
(إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن مكتوم)
والأصل الاتباع لا الابتداع ولو كان الدين بالرأي والهوى لكان الأولى النداء بالأذان لصلاة العيد والكسوف لو كان الأمر على ما يراه المرء لنفسه ودينه، ولكنه دين متبع.
فلما امتنع الأمر عنهما كان الأولى عدم تنزيل الأذان على أمور الدنيا من جهاز النقال أو المنبه لغير الأذان للتنبيه على الإعلام بدخول الوقت.
فتنزيل هذه الألفاظ من آيات وأذان على أجهزة النقال أخشى أن تدخل في العبث واللهو، ما لم تكن لمجرد سماع القرآن، لا من أجل جعله نغمة تنبيه على وجود متصل
وتندرج تحت قوله تعالى:
(وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً)
ولا يجوز الاحتجاج أن هذه الألفاظ من الذكر فمن الجائز القيام بها في الأجهزة النقالة أو ساعة المنبه!!.
فأقول:
أن ذكر الله جل في علاه متعبد به على الوجه المشروع وليس المبتدع فشروط العمل الإتباع والإخلاص ولو كان هذا صحيحا لكان من الأولى كما ذكرت أن يكون الأذان
للعيدين وصلاة الكسوف ولو كان جائزا لغير الصلاة ويجوز إنزاله على كل أمر لما نودي (الصلاة جامعة الصلاة جامعة).
لذلك لا يصح اتخاذ الأذان إلا لما جاء فيه النص وإنزاله في حكمه وعدم تعديه ذلك
ومن استدل ممن ناقشني حول الموضوع في بعض الأحاديث على صحة الأذان بالمنبه بحديث الغيلان أو الأذان في أذن المولود لا يصح استدلاله
والسبب أن الأمر تعبدي في الأذان ولا يصح إلا ما جاء الدليل على اثباته كما ذكرت
والأمر الثاني أن اتخاذه رنة هاتف خارج عن أمر العبادة
مع أن الإحتجاج بحديث الغيلان قد ضعفه بعض أهل العلم وتكلم عليه الشيخ ناصر رحمه الله في الضعيفة.
وكذلك الأذان في أذن المولود ضعفه أيضا بعضهم.
هذا وقد علمنا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما نقول لإبعاد الشيطان
فأمرنا بأن نقول عند الجماع (باسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا)
وعند المساء أمر الصبية بالكف عن اللعب بالشارع لأنها ساعة ينتشر فيها الشياطين وفي حديث أبي هريرة أن إبليس علمه آية الكرسي وقال له الرسول صدقك وهو كذوب.
وعند النوم قراءتها لابعاد الشيطان.
ولا يوجد في شيء من هذا أمره صلى الله عليه وسلم بالأذان لابعاد الشيطان ولا أعلم أن الأذان لإبعاد الشيطان جاء في حديث صحيح، وأما أنه يسمع له ضراط عند الأذان فهذا خبر عن حاله عند النداء للصلاة، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يوم عرفة عن حال الشيطان أنه يئس أن يعبد في جزيرة العرب.
ولكن إن صح الدليل على ذلك لا أقول بعدم الجواز مع قيد الصحة ولكن هل يكون هذا على الإطلاق بأن يستعمل الأذان وهو أمر تعبدي؟!! لرنات الهاتف.
وكما سبق أن قلت أخشى أن يكون هذا من اللعب واللهو.
وردا على من قال بأن الذي يضع ألفاظ الآذان وآيات القرآن هو من حب سماع القرآن فلماذا تمنعه؟!!.
فأقول وبالله التوفيق:
التحذير من ذلك ليس من أجل سماع القرآن من النقال كمن أراد أن يسمعه من المسجل أو المذياع وإنما لطريقة السماع
، فالذي يضع الشريط في المسجل يضعه من أجل السماع ولكن من وضعه في النقال وأراد وضعه لغرض آخر وهو التنبيه على وجود متصل فهذا الذي يحذر منه، فلو أن شخصا ما أراد أن يسمع القرآن وهو لاه أو في مكان نجس لقلنا أن هذا لا يليق بالقرآن ولا يجوز له سماعه، ولا يحق له الاعتراض بأنه يريد سماع القرآن لأنه لم يسمعه على الوجه المباح.بل وحدث معي شخصيا مع أحد الأخوة عندما انكرت عليه ذلك ولم يستجب لنصحي أن قام شخص بالأتصال به وهو لا يريد أن يرد عليه وفي كل مرة يرن الهاتف وتكون الرنة صوت الأذان، فلما تكرر هذا الأمر من المتصل أخذ يغلق الهاتف على صوت المؤذن وأخذ يتأفف كلما سمع صوت الهاتف، فقلت له إنه الأذان أصبحت لا تضيق سماعه وتغلقه؟!! قال لا وإنما من أجل المتصل أتأفف وأغلق، فقلت له: هذا صحيح وأتفهمه جيدا، ولكن العمل الذي تقوم به قد وقع على الأذان فلماذا تجعل الأذان وكلام الله عرضة لذلك؟!! فهل هذا من تعظيم الأذان وكلام الله.
وقد قال تعالى:
. (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن حكم النغمات الموسيقية في الجوال فأجابت:
لا يجوز استعمال النغمات الموسيقية في الهواتف أو غيرها من الأجهزة، لأن استماع الآلات الموسيقية محرم كما دلت عليه الأدلة الشرعية ويُسْتَغْنَى عنها باستعمال الجرس العادي.
مجلة الدعوة العدد 1795 ص 42.
وقد ذكر السائل أنه يمكنه ضبط جرس هاتفه على آية قرآنية، والأولى أن لا يفعل هذا، فإنه يُخشى أن يكون في هذا نوع امتهان للقرآن الكريم، فإن الله تعالى أنزل القرآن ليكون كتاب هداية يهدي للتي هي أقوم، فيُقرأ، ويُرتَّل، ويُتَدبر، ويُعمَل بما فيه، لا ليكون وسيلة تنبيه فيكفي السائل أن يجعل هاتفه على نغمة الجرس المعتادة. هذا والله أعلم ورد العلم إليه أسلم.
.
كتبه / أحمد بوادي
¥