تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

استحسان البدع والإستدلال بحديث (من سن سُنةً حسنة ... ) للشيخ الفوزان

ـ[ضياء الشميري]ــــــــ[24 - 11 - 05, 06:28 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:

أخذ الناس يبتدعون أشياء ويستحسنونها، وذلك أخذًا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:

(مَن سنَّ سُنَّةً حسنةً في الإسلام؛ فله أجرها وأجرُ من عمل بها إلى يوم القيامة. . .) إلى آخر الحديث؛ فهل هم مُحقُّون فيما يقولون؟ فإن لم يكونوا على حق؛ فما مدلول الحديث السابق ذكره؟ وهل يجوز الابتداع بأشياء مستحسنة؟ أجيبونا عن ذلك أثابكم الله؟

الجواب:

البدعة هي ما لم يكن له دليل من الكتاب والسنة من الأشياء التي يُتَقرَّب بها إلى الله.

قال عليه الصلاة والسلام: (مَن أحدثَ في أمرُنا هذا ما ليس منه؛ فهو رَدّ) [رواه الإمام البخاري في " صحيحه " (ج3 ص167) من حديث عائشة رضي الله عنها.]، وفي رواية: (مَن عملَ عملاً ليس عليه أمرُنا؛ فهو رَدّ) [رواه الإمام مسلم في " صحيحه " (ج3 ص1343 - 1344) من حديث عائشة رضي الله عنها.].

وقال عليه الصلاة والسلام: (وإيَّاكُم ومُحدثاتِ الأمور؛ فإن كلَّ مُحدثةٍ بدعةٌ وكلَّ بدعةٍ ضلالة) [رواه الإمام أحمد في مسنده (4/ 126، 127) ورواه أبو داود في سننه (4/ 200) ورواه الترمذي في سننه (7/ 319، 320)؛ كلهم من حديث العرباض بن سارية.].

والأحاديث في النهي عن البدع والمحدثات أحاديث كثيرة ومشهورة، وكلام أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم من المحققين كلام معلوم ومشهور وليس هناك بدعة حسنة أبدًا، بل البدع كلها ضلالة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وكُلَّ بدعةٍ ضلالةٌ).

فالذي يزعم أن هناك بدعة حسنة يخالف قول الرسول صلى الله عليه وسلم:

(فإن كلَّ مُحدثةٍ بدعةٌ وكُلَّ بدعةٍ ضلالةٌ)، وهذا يقول: هناك بدعة ليست ضلالة! ولا شك أن هذا محادٌّ لله ولرسوله.

أما قوله صلى الله عليه وسلم: (مَن سنَّ في الإسلام سُنَّةً حسنةً؛ فلهُ أجرُها وأجرُ مَن عمِلَ بها) [رواه الإمام مسلم في " صحيحه " (2/ 704 - 705) من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه.]؛ فهذا لا يدل على ما يقوله هؤلاء؛ لأن الرسول لم يقل من ابتدع بدعة حسنة، وإنما قال: (مَن سنَّ سُنَّةً حسنةً)، والسنة غير البدعة، السنة هي ما كان موافقًا للكتاب والسنة، موافقًا للدليل، هذا هو السنة؛ فمن عمل بالسنة التي دل عليها الكتاب والسنة؛ يكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة؛ يعني: من أحيى هذه السنة وعلمها للناس وبينها للناس وعملوا بها اقتداءً به؛ فإنه يكون له من الأجر مثل أجورهم، وسبب الحديث معروف، وهو أنه لما جاء أناس محتاجون إلى النبي صلى الله عليه وسلم من العرب، عند ذلك رقَّ لهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصابه شيء من الكآبة من حالتهم، فأمر بالصدقة وحث عليها، فقام رجل من الصحابة وتصدق بمال كثير، ثم تتابع الناس وتصدقوا اقتداءً به؛ لأنه بدأ لهم الطريق، عند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن سنَّ في الإسلام سُنَّةً حسنةً؛ فلهُ أجرُها وأجرُ من عمِلَ بها)؛ فهذا الرجل عمل بسنة، وهي الصدقة ومساعدة المحتاجين، والصدقة ليست بدعة؛ لأنها مأمور بها بالكتاب والسنة؛ فهي سنة حسنة، من أحياها وعمل بها وبيّنها للناس حتى عملوا بها واقتدوا به فيها؛ كان له من الأجر مثل أجورهم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير