تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنها ما هو كبيرة وليس بكفرٍ، أو يختلف فيه هل هو كفر أم لا؟ كبدع الفرق الضّالّة.

ومنها ما هو معصية وليس بكفرٍ اتّفاقاً، كبدعة التّبتّل والصّيام قائماً في الشّمس، والخصاء بقطع شهوة الجماع، للأحاديث الواردة في النّهي عن ذلك، وقد سبق بعض منها ولقوله تعالى: {ولا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكم إنّ اللّه كانَ بِكم رَحيماً}.

aa تقسيم البدع غير المكفّرة إلى كبيرةٍ وصغيرةٍ aa

25 - إنّ المعاصي منها صغائر ومنها كبائر، ويعرف ذلك بكونها واقعةً في الضّروريّات أو الحاجيّات أو التّحسينات، فإن كانت في الضّروريّات فهي أعظم الكبائر، وإن وقعت في التّحسينات فهي أدنى رتبةً بلا إشكالٍ، وإن وقعت في الحاجيّات فمتوسّطة بين الرّتبتين، لقوله تعالى: {الّذين يَجْتَنِبُون كَبَائِرَ الِإثمِ والفَوَاحِشَ إلاّ اللّمَمَ} وقوله: {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ ما تُنْهَوْنَ عنه نُكَفِّرْ عنكم سيّئاتِكم وَنُدْخِلْكم مُدْخَلاً كَرِيماً}، وإذا كانت ليست رتبةً واحدةً فالبدع من جملة المعاصي، وقد ثبت التّفاوت في المعاصي، فكذلك يتصوّر مثله في البدع، فمنها ما يقع في الضّروريّات، ومنها ما يقع في رتبة الحاجيّات، ومنها ما يقع في رتبة التّحسينات.

وما يقع في رتبة الضّروريّات، منه ما يقع في الدّين، أو النّفس، أو النّسل، أو العقل، أو المال.

فمثال وقوعه في الدّين: اختراع الكفّار وتغييرهم ملّة إبراهيم عليه السلام في نحو قوله: {ما جَعَل اللّهُ من بَحِيرةٍ ولا سَائبةٍ ولا وَصِيلةٍ ولا حامٍ} وحاصل ما في الآية تحريم ما أحلّ اللّه على نيّة التّقرّب به إليه، مع كونه حلالاً بحكم الشّريعة المتقدّمة.

ومثال ما يقع في النّفس: ما عليه بعض نحل الهند، من تعذيبها أنفسها بأنواع العذاب واستعجال الموت، لنيل الدّرجات العلى على زعمهم.

ومثال ما يقع في النّسل: ما كان من أنكحة الجاهليّة الّتي كانت معهودةً ومعمولاً بها ومتّخذةً كالدّين، وهي لا عهد بها في شريعة إبراهيم عليه السلام ولا غيره، بل كانت من جملة ما اخترعوه.

من ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها في حديث أنكحة الجاهليّة.

ومثال ما يقع في العقل: ما يتناول من المسكرات والمخدّرات بدعوى تحصيل النّفع والتّقوّي على القيام ببعض الواجبات المشروعة في ذاتها.

ومثال ما يقع في المال: قولهم {إنّما البَيْعُ مِثْلُ الرّبا} فإنّهم احتجّوا بقياسٍ فاسدٍ.

وكذلك سائر ما يحدث النّاس بينهم من البيوع المبنيّة على المخاطرة والغرر.

26 - هذا التّقسيم من حيث اعتبار البدعة كبيرةً أو صغيرةً مشروط بشروطٍ

الأوّل: ألاّ يداوم عليها، فإنّ الصّغيرة من المعاصي لمن داوم عليها تكبر بالنّسبة إليه، لأنّ ذلك ناشئ عن الإصرار عليها، والإصرار على الصّغيرة يصيّرها كبيرةً، ولذلك قالوا: لا صغيرة مع إصرارٍ، ولا كبيرة مع استغفارٍ، فكذلك البدعة من غير فرقٍ.

الثّاني: ألاّ يدعو إليها.

فإذا ابتلي إنسان ببدعةٍ فدعا إليها تحمّل وزرها وأوزار الآخرين معه، مصداقاً لقول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " من سنّ سنّةً سيّئةً فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ".

الثّالث: ألاّ تفعل في الأماكن العامّة الّتي يجتمع فيها النّاس، أو المواضع الّتي تقام فيها السّنن، وتظهر فيها أعلام الشّريعة، وألاّ يكون ممّن يقتدى به أو يحسن به الظّنّ، فإنّ العوّام يقتدون - بغير نظرٍ - بالموثوق بهم أو بمن يحسنون الظّنّ به، فتعمّ البلوى ويسهل على النّاس ارتكابها.

aa تقسيم المبتدع إلى داعيةٍ لبدعته وغير داعيةٍ aa

27 - المنسوب إلى البدعة في العرف لا يخلو أن يكون مجتهداً فيها أو مقلّداً، والمقلّد إمّا أن يكون مقلّداً مع الإقرار بالدّليل الّذي زعمه المجتهد المبتدع، وإمّا أن يكون مقلّداً من غير نظرٍ، كالعامّيّ الصّرف الّذي حسّن الظّنّ بصاحب البدعة، ولم يكن له دليل على التّفصيل يتعلّق به، إلاّ تحسين الظّنّ بالمبتدع خاصّةً.

وهذا القسم كثير في العوّام، فإذا تبيّن أنّ المبتدع آثم، فليس الإثم الواقع عليه على رتبةٍ واحدةٍ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير