[من فضائل الحج وأسراره وحكمه]
ـ[علي محمد ونيس]ــــــــ[29 - 11 - 05, 12:52 م]ـ
[من فضائل الحج وأسراره وحكمه]
جمعه من كتب العلماء
علي محمد محمد ونيس
(مقدمة)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وبعد ..........
فقد خلق الله تعالى الخلق لعبادته، وشرع لهم ما يقربهم إليه، وحرم عليهم ما يبعدهم عنه، لئلا يزيغوا أو يضلوا، قال تعالى:
" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين "
وقال تعالى:
" الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون "
ومع الأمر الإلهي العالي، والتوجيه الرباني السامي، الذي يجب على العباد أن يذعنوا له، وأن يعملوا به، فقد رغبهم الله تعالى فيه، ورتب عليه الأجر والثواب، وبين فيه وجوها من الحكم، منها ما هو ظاهر جلي، ومنها ما هو باطن خفي، ومن الله على العلماء العاملين بوافر علمه وعظيم حكمته، ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا، فغاصوا في معرفة معاني النصوص الشرعية، وتأملوا في سائر العبادات حتى وصلوا فيها إلى الأسرار الإلهية، فعلموا المقصود منها، وتدبروا المعقول من معانيها، وأفاضوا من علم الله الذي آتاهم على أمة البشير النذير والسراج المنير، فامتلأت قلوبهم بأنوار الهداية، وشبعت نفوسهم من معاني الأحكام وحكم الشرائع وأسرار البيان.
ومن أجل العبادات التي بذلو الجهد في استخراج حكمها، والوصول إلى أسرارها فريضة الحج، الذي هو أحد أركان الإسلام، وفريضة من فرائض الله على الأنام، يبذل في سبيله المتعبدون النفس والمال والجهد والغربة عن الأوطان، ويحصل لهم فيه من المواقف والأحوال ما يكون عبرة لمن بعدهم من الأجيال، فيتخذوه نبراسا، ويكون لهم على مر الزمان مراسا، ولكي يبقى ذكر هذه المواقف، ويستمر العمل بها مع رجاء الزيادة عليها، دونها جهابذة العلماء، وقيدها ورثة الأنبياء، ولكل واحد منهم في تصنيفه وجهة هو موليها، وطريقة يرتضيها، حتى غدت التآليف المتعددة في الفن الواحد كأزهار البستان، أو ثمار الجنان، يقطف منها الداخل فيها ما يريد، من أقوال وآثار نبوية، وقصص من حياة عباد الله الصالحين، وأوليائه المتقين، وحكم وأسرار أدركها المتأملون، وأحسها المتعبدون.
وفي ذلك من الإعانة على الطاعة، وتشمير ساعد الجد والاجتهاد ما هو معلوم، فإن النفس إلى معرفة الأسرار الباطنة تواقة، إذ بمعرفتها تعلو الهمم، وتصعد النفوس أعالي القمم، دون أن يكون عليها في ذلك مشقة، فتنقلب آلام السفر لذة واشتياق، وتتحول مصاعب الطريق إلى أنس وانطلاق، فإذا بالبعيد قريبا، وبالصعب سهلا، وبالألم لذة.
ولما كان الأمر كذلك، فقد عزمت على جمع ما من الله به في سالف الأيام، من فضائل الحج وأسراره وحكمه، رجاء أن يكون ذكرا لي بعد موتي، ومجلبة للدعاء ممن يطالع سطوره، فلا ينقطع بانقطاع العمر العمل، ولا ينقضي بانقضاء الأجل.
وأحب أن ألفت الانتباه إلى أنني ذكرت بعض الأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال، لما هو معلوم من تسامح أهل العلم في رواية الضعيف إذا كان لا يتصل بالأحكام، ومن أجمل ما قرأت في ذلك كلاما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أجلى فيه الأمر، ووضح فيه حكم ذلك بالدليل الساطع والبرهان الناطق.
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ:
¥