30 ـ وفي رواية أخرى: " وروى ابن عمر ـرضي الله عنهما ـ قال: كنت جالسا مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مسجد منى، فأتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف، فسلما ثم قالا: يا رسول الله جئنا نسألك، فقال: إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه فعلت، وإن شئتما أن أمسك وتسألاني فعلت، فقالا: أخبرنا يا رسول الله، فقال الثقفي للأنصاري سل: فقال: أخبرني يا رسول الله، فقال: جئتني تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك، فيه وعن ركعتيك بعد الطواف وما لك فيهما، وعن طوافك بين الصفا والمروة وما لك فيه، وعن وقوفك عشية عرفة وما لك فيه، وعن رميك الجمار وما لك فيه، وعن نحرك وما لك فيه مع الإفاضة، فقال: والذي بعثك بالحق لعن هذا جئت أسألك.
قال: فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام لا تضع ناقتك خفا ولا ترفعه إلا كتب الله لك به حسنة، ومحا عنك خطيئة، وأما ركعتاك بعد الطواف، كعتق رقبة من بني إسماعيل ـ عليه السلام ـ، وأما طوافك بالصفا والمروة، كعتق سبعين رقبة، وأما وقوفك عشية عرفة، فإن الله يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة، يقول: عبادي جاؤوني شعثا من كل فج عميق يرجون جنتي، فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل، أو كقطر المطر، أو كزبد البحر، لغفرتها. أفيضوا عبادي مغفورا لكم ولمن شفعتم له، وأما رميك الجمار، فلك بكل حصاة رميتها تكفير كبيرة من الموبقات، وأما نحرك، فمذخور لك عند ربك، وأما حلاقك رأسك، فلك بكل شعرة حلقتها حسنة، ويمحى عنك بها خطيئة، وأما طوافك بالبيت بعد ذلك، فإنك تطوف ولا ذنب لك، يأتي ملك حتى يضع يديه بين كتفيك فيقول: اعمل فيما تستقبل فقد غفر لك ما مضى.
رواه الطبراني في الكبير والبزار واللفظ له وقال: وقد روي هذا الحديث من وجوه ولا نعلم له أحسن من هذا الطريق.
قال المملي ـ رضي الله عنه ـ وهي طريق لا بأس بها رواتها كلهم موثقون ورواه ابن حبان في صحيحه "
إخلاص النية في الحج
ــ عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه على المنبر قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:
" إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه "
ــ عن أنس أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم قال: " يأتي على الناس زمان، يحج أغنياء أمتي للنزهة، وأوساطهم للتجارة، وقراؤهم للرياء والسمعة، وفقراؤهم للمسألة. "
ما جاء في ثواب من حج عن والديه
ـ عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
" إذا حج الرجل عن والديه تقبل منه ومنهما، واستبشرت أرواحهما في السماء، وكتب عند الله تعالى برا "
ـ عن ابن عباس قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
" من حج عن أبويه أو قضى عنهما مغرما بعث يوم القيامة مع الأبرار "
ـ عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من حج عن أبيه وأمه فقد قضى عنه حجته، وكان له فضل عشر حجج "
لماذا يشتاق الناس إلى الحج؟
ورد في ذلك عن العلماء أقوال منها:
1ـ قال ابن جماعة:
" وقد قيل: إن سبب هذا الشوق دعاء إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ حيث قال: (واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم)،
قال جماعة من المفسرين: معناه تحن إليهم، ولو قال: فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم، لحجه اليهود والنصارى "
2 ـ قال ابن جماعة:
" وقيل سبب الشوق، أنه روي (أن الله تعالى أخذ الميثاق من بني آدم ببطن نعمان (وهي عرفة)، فاستخرجهم هناك من صلب أبيهم، ونثرهم بين يديه كهيئة الذر، ثم كلمهم فقال: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، وكتب إقرارهم في رق، وأشهد فيه بعضهم على بعض، ثم ألقمه الحجر الأسود، ومن أجل ذلك استحب لموافيه أن يقول: اللهم إيمانا بك ووفاء بعهدك)
وهذا ينزع إلى معنى حب الأوطان، فإنه دل على أن ذلك المكان أول وطن، وقد قيل:
كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبدا لأول منزل "
حرص السلف على الحج
" ـ حج أبو بكر وعلي قبل حجة الوداع كما حجا مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها.
ـ وحج أبو بكر بعد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالناس مرة، واستناب عمر ـ رضي الله عنه ـ فحج بهم مرة.
¥