قال: ثم خرجت من عنده فأتيت بهيما فسلمت عليه، وقلت: كيف رأيت صاحبك؟ قال: كخير صاحب، كثير الذكر لله عز وجل طويل التلاوة للقرآن، سريع الدمعة محتمل الهفوات للرفيق، جزاك الله عني خيرا. "
الإكثار من الطاعات في الحج
ـ قال ابن الجوزي:
" عن سعيد بن أبي عروبة قال:
حج الحجاج فنزل بعض المياه بين مكة والمدينة، ودعا بالغداء فقال لحاجبه: انظر من يتغدى معي، وأسأله عن بعض الأمر. فنظر نحو الجبل، فإذا هو بأعرابي بين شملتين من شعر، نائم. فضربه برجله وقال: إيت الأمير. فأتاه فقال له الحجاج:
اغسل يديك وتغد معي. فقال: إنه دعاني من هو خير منك فأجبته. قال: ومن هو؟ قال: الله تبارك وتعالى، دعاني إلى الصوم فصمت. قال:
في هذا الحر الشديد؟ قال:
نعم صمت ليوم أشد حرا من هذا اليوم. قال:
فافطر وصم غدا. قال:
إن ضمنت لي البقاء إلى غد. قال:
ليس ذاك إلي. قال: فكيف تسألني عاجلا بآجل لا تقدر عليه؟ قال: إنه طعام طيب قال: لم تطيبه أنت ولا الطباخ، إنما طيبته العافية. "
ـ " وقد كان الصالحون يلزمون أنفسهم المواظبة على النوافل في سفر الحج ويتحملون مشقتها، وكان ابن أخيثم لا يدع قيام السحر في حجه، وحج علي بن شعيب فألزم نفسه أن يصلي عند كل ميل ركعتين لتشهد له البقاع "
تحري الحلال في نفقة الحج
ـ يروى أنه لما مرض عبد الله بن عامر بن كريز مرضه الذي مات فيه، أرسل إلى أناس من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفيهم عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ فقال: إنه قد نزل بي ماترون، فقالوا: كنت تعطي السائل، وتصل الرحم، وحفرت الآبار في الفلوات لابن السبيل، وبنيت الحوض بعرفات، فما نشك في نجاتك، وعبد الله بن عمر ساكت، فلما أبطأ عليه قال له: يا أبا عبد الرحمن! ألا تكلم؟
فقال عبد الله: إذا طابت المكسبة زكت النفقة، وسترد فتعلم.
ـ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا خرج الرجل حاجا بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك زادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى: لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام ونفقتك حرام وحجك غير مبرور "
ـ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " أيها الناس: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم}، وقال {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك "
قال الشاعر:
إذا حججت بمال أصله سحت فما حججت ولكن حجت العير
لا يقبل الله إلا كل طيبة ما كل من حج بيت الله مبرور
قال ابن جماعة: " وقيل: إن هذين البيتين لأحمد بن حنبل، وقيل: إنهما لغيره، فالله أعلم "
فضل الاقتصاد في نفقة الحج
1 ـ روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
" حج النبي صلى الله عليه وسلم على رحل رث وقطيفة خلقة تساوي أربعة دراهم أو لا تساوي، ثم قال اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة "
2 ـ وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنا مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين مكة والمدينة فمررنا بواد فقال:
" أي واد هذا؟
قالوا: وادي الأزرق.
قال: كأني أنظر إلى موسى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذكر من طول شعره شيئا لا يحفظه داود، واضعا إصبعه في أذنه، له جؤار إلى الله بالتلبية، مارا بهذا الوادي.
قال: ثم سرنا حتى أتينا على ثنية فقال أي ثنية هذه؟
قالوا: ثنية هرشى أو لفت.
قال: كأني أنظر إلى يونس ـ صلى الله عليه وسلم ـ على ناقة حمراء، عليه جبة صوف وخطام ناقته خلبة، مارا بهذا الوادي ملبيا "
رواه ابن ماجه بإسناد صحيح وابن خزيمة واللفظ لهما
ورواه الحاكم بإسناد على شرط مسلم ولفظه:
" أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أتى على وادي الأزرق فقال ما هذا؟
قالوا: وادي الأزرق.
¥