تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" وأما الطواف بالبيت فاعلم أنه صلاة، فأحضر في قلبك فيه من التعظيم والخوف والرجاء والمحبة ما فصلناه في كتاب الصلاة، واعلم أنك بالطواف متشبه بالملائكة المقربين الحافين حول العرش الطائفين حوله، ولا تظنن أن المقصود طواف جسمك بالبيت، بل المقصود طواف قلبك بذكر رب البيت حتى لا تبتدىء الذكر إلا منه، ولا تختم إلا به كما تبتدىء الطواف من البيت وتختم بالبيت.

واعلم أن الطواف الشريف هو طواف القلب بحضرة الربوبية، وأن البيت مثال ظاهر في عالم الملك لتلك الحضرة التي لا تشاهد بالبصر (وهي عالم الملكوت)، كما أن البدن مثال ظاهر في عالم الشهادة للقلب الذي لا يشاهد بالبصر (وهو في عالم الغيب)، وأن عالم الملك والشهادة مدركة إلى عالم الغيب والملكوت لمن فتح الله له الباب، وإلى هذه الموازنة وقعت الإشارة بأن البيت المعمور في السماوات بإزاء الكعبة، فإن طواف الملائكة به كطواف الإنس بهذا البيت ولما قصرت رتبة أكثر الخلق عن مثل ذلك الطواف، أمروا بالتشبه بهم بحسب الإمكان، ووعدوا بأن من تشبه بقوم فهو منهم "

التعلق بالأستار

قال الغزالي:

" وأما التعلق بأستار الكعبة والالتصاق بالملتزم، فلتكن نيتك في الالتزام طلب القرب حبا وشوقا للبيت ولرب البيت، وتبركا بالمماسة، ورجاء للتحصن عن النار في كل جزء من بدنك لا في البيت، ولتكن نيتك في التعلق بالستر الإلحاح في طلب المغفرة وسؤال الأمان، كالمذنب المتعلق بثياب من أذنب إليه المتضرع إليه في عفوه عنه، المظهر له أنه لا ملجأ له منه إلا إليه، ولا مفزع له إلا كرمه وعفوه، وأنه لا يفارق ذيله إلا بالعفو وبذل الأمن في المستقبل "

حكاية شاب زاهد:

ـ عن إبراهيم الخواص قال:

" رأيت شابا في الطواف متزرا بعباءة، متشحا بأخرى كثير الطواف والصلاة، فوقع في قلبي محبته، ففتح علي بأربعمائة درهم، فجئت بها إليه وهو جالس خلف المقام، فوضعتها على طرف عبائه وقلت له: يا أخي اصرف هذه القطيعات في بعض حوائجك.

فقام وبددها في الحصا وقال: يا إبراهيم اشتريت هذه الجلسة من الله تعالى بسبعين ألف دينار عين، تريد أن تخدعني عن الله ـ عز وجل ـ بهذا الوسخ.

قال إبراهيم: فما رأيت أعز منه وهو ينظر، وأذل مني وأنا أجمعها من بين الحصى. ثم قام وذهب "

أعرابي يتعلق بأستار الكعبة:

ـ عن محمد بن صالح قال:

" بينما أنا في الطواف إذ نظرت إلى أعرابي بدوي متعلق بأستار الكعبة، وقد شخص بصره نحو السماء، وهو يقول: يا خير من وفد الأنام إليه، ذهبت أيامي، وضعفت قوتي، وقد وردت إلى بيتك المعظم المكرم بذنوب كثيرة لا تغسلها الأرض ولا تغسلها البحار، مستجيرا بعفوك منها، وحططت رحلي بفنائك، وأنفقت مالي في رضاك، فماذا الذي يكون من جزائك يا مولاي؟

ثم أقبل على الناس بوجهه فقال: يا معشر الناس يا من وكزته الخطايا وغمرته البلايا. ارحموا أسير ضر وغريب فاقة. سألتكم بالذي عمتكم الرغبة إليه، إلا سألتم الله تعالى أن يهب لي جرمي ويغفر لي ذنوبي.

ثم عاود فتعلق بأستار الكعبة وقال: إلهي وسيدي، عظيم الذنب مكروب، وعن صالح الأعمال مردود، وقد أصبحت ذا فاقة إلى رحمتك يا مولاي.

قال محمد بن صالح: ثم رأيته بعرفات وقد وضع يساره على أم رأسه يصرخ ويبكي ويشهق ويقول: إلهي وسيدي ومولاي أضحكت الأرض بالزهر، وأمطرت السماء بالرحمة، والذي أعطيت الموحدين إن نفسي لواثقة لي ولهم منك بالرضا، وكيف لا يكون كذلك، وأنت حبيب من تحبب إليك، وقرة عين من لاذ بك وانقطع إليك؟ يا مولاي حقا حقا أقول، لقد أمرت بمكارم الأخلاق فاجعل وفودي إليك عتق رقبتي من النار. "

طائف يطلب من الله حاجته:

ـ عن قاسم بن عثمان الجوعي يقول:

" رأيت في الطواف رجلا لا يزيد على قوله: إلهي قضيت حوائج المحتاجين وحاجتي لم تقض،

فقلت له: ما لك لا تزيد على هذا الكلام؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير