" رأيت امرأة متعلقة بأستار الكعبة وهي تقول: اللهم إني أستعديك على نفسي "
وأخرى تسأل أن يرد الله عليها قلبها:
ـ عن أبي الأشهب السائح قال:
" بينما أنا في الطواف إذا بجويرية قد تعلقت بأستار الكعبة وهي تقول: يا وحشتي بعد الأنس، ويا ذلي بعد العز، ويا فقري بعد الغنى.
فقلت لها: ما لك؟ أذهب لك مال أو أصبت بمصيبة؟
قالت: لا ولكن كان لي قلب ففقدته، قلت: هذه مصيبتك؟
قالت: وأي مصيبة أعظم من فقد القلوب وانقطاعها عن المحبوب؟ فقلت لها: إن حسن صوتك قد عطل على من سمع الكلام الطواف. فقالت: يا شيخ، البيت بيتك أم بيته؟ قلت: بل بيته.
قالت: فالحرم حرمك أم حرمه؟ فقلت: بل حرمه.
قالت: فدعنا نتدلل عليه على قدر ما استزارنا إليه.
ثم قالت: بحبك لي إلا رددت علي قلبي.
قال: فقلت من أين تعلمين أنه يحبك؟
فقالت: جيش من أجلي الجيوش وأنفق الأموال وأخرجني من دار الشرك وأدخلني في التوحيد، وعرفني نفسه بعد جهلي إياه، فهل هذا إلا لعناية، قلت: كيف حبك له؟
قالت: أعظم شيء وأجله، قلت: وتعرفين الحب؟ قالت: فإذا جهلت فأي شيء أعرف؟ إنه الحلو المجتنى ما اقتصر، فإذا أفرط عاد خبلا قاتلا، أو فسادا معطلا، وهو شجرة غرسها كريه ومجناها لذيذ. ثم ولت، وأنشأت تقول:
وذي قلق لا يعرف الصبر والعزا له مقلة عبري أضر بها البكا
وجسم نحيل من شجى لاعج الهوى فمن ذا يداوي المستهام من الضنا
ولا سيما والحب صعب مرامه إذا عطفت منه العواطف بالفنا "
امرأة تقول: كيف أطوف بأقدام عصت الله؟
ـ قال ابن الجوزي:
" عن محمد بن يزيد بن حبيش قال: قال وهيب بن الورد: بينما امرأة في الطواف ذات يوم وهي تقول: يا رب ذهبت اللذات وبقيت التبعات، يا رب سبحانك، وعزتك إنك لأرحم الراحمين. يا رب مالك عقوبة إلا النار. فقالت صاحبة لها كانت معها: يا أخية دخلت بيت ربك اليوم؟ قالت: والله ما أرى هاتين القدمين، وأشارت إلى قدميها، أهلا للطواف حول بيت ربي، فكيف أراهما أهلا أطأ بهما بيت ربي؟ وقد علمت حيث مشتا وإلى أين مشتا؟ "
امرأة تحاجج الجنيد في طوافه وتفحمه:
ـ قال ابن الجوزي:
" عن الجنيد قال: حججت على الوحدة فجاورت بمكة، فكنت إذا جن الليل دخلت الطواف. فإذا أنا بجارية تطوف وتقول:
أبى الحب أن يخفى وكم قد كتمته فأصبح عندي قد أناخ وطنبا
إذا اشتد شوقي هام قلبي بذكره وإن رمت قربا من حبيبي تقربا
ويبدو فأفنى ثم أحيا به له ويسعدني حتى ألذ وأطربا
قال: فقلت لها: يا جارية أما تتقين الله تعالى، في مثل هذا المكان تتكلمين بمثل هذا الكلام؟ فالتفتت إلي وقالت: يا جنيد:
لولا التقى لم ترني أهجر طيب الوسن
إن التقى شردني كما ترى عن وطني
أفر من وجدي به فحبه هيمني
ثم قالت: يا جنيد تطوف بالبيت أم برب البيت؟ فقلت: أطوف بالبيت. فرفعت رأسها إلى السماء وقالت: سبحانك ما أعظم مشيئتك في خلقك، خلق كالأحجار يطوفون بالأحجار. ثم أنشأت تقول:
يطوفون بالأحجار يبغون قربة إليك وهم أقسى قلوبا من الصخر
وتاهوا فلم يدروا من التيه من هم وخلوا محل القرب في باطن الفكر
فلو أخلصوا في الود غابت صفاتهم وقامت صفات الود للحق بالذكر
قال الجنيد: فغشي علي من قولها. فلما أفقت لم أرها. "
تعلم كيف تطوف.
ـ قال ابن جماعة راويا عن أحد الصالحين، قال:
" حججت ثلاث حجج، ففي الحجة الأولى رأيت البيت ولم أر رب البيت، وفي الثانية رأيت البيت ورب البيت، وفي الثالثة رأيت رب البيت ولم أر البيت "
يقصد أنه شعر في طوافه الأول شعور العوام في أداء المناسك، فلم يحس في طوافه سوى حركته في الطواف، وفي المرة الثانية استشعر حركته في الطواف وانضم إليها شعوره بالقرب من ربه، وفي الثالثة شغله قربه من ربه عن حركات الطواف، ولم يقصد بالرؤية هنا رؤية العين المبصرة كما قد يظنه البعض.
استغفار الطائفين مع عصيانهم لؤم.
ـ قال ابن جماعة:
¥