تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثاني: الجحفة، وهو ميقات أهل الشام، وهي قرية خراب تلي رابغ، والناس اليوم يحرمون من رابغ، ومن أحرم من رابغ فقد أحرم من الميقات؛ لأن رابغ قبلها بيسير.

الثالث: قرن المنازل، وهو ميقات أهل نجد، وهو المسمى اليوم: السيل:

الرابع: يلملم، وهو ميقات أهل اليمن.

الخامس: ذات عرق، وهي ميقات أهل العراق.

وهذه المواقيت قد وقتها النبي – صلى الله عليه وسلم -، لمن ذكرنا، ومن مر عليها من غيرهم ممن أراد الحج أو العمرة. والواجب على من مر عليها أن يحرم منها، ويحرم عليه أن يتجاوزها بدون إحرام إذا كان قاصداً مكة يريد حجاً أو عمرة، سواء كان مروره عليها من طريق الأرض أو من طريق الجو؛ لعموم قول النبي – صلى الله عليه وسلم – لما وقت هذه المواقيت: "هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة".

والمشروع لمن توجه إلى مكة من طريق الجو بقصد الحج أو العمرة أن يتأهب لذلك بالغسل ونحوه قبل الركوب في الطائرة، فإذا دنا من الميقات لبس إزاره ورداءه ثم لبى بالعمرة إن كان الوقت متسعاً، وإن كان الوقت ضيقاً لبى بالحج، وإن لبس إزاره ورداءه قبل الركوب أو قبل الدنو من الميقات فلا بأس، ولكن لا ينوي الدخول في النسك ولا يلبي بذلك إلا إذا حاذى الميقات أو دنا منه؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يحرم إلا من الميقات، والواجب على الأمة التأسي به – صلى الله عليه وسلم – في ذلك كغيره من شئون الدين؛ لقول الله – سبحانه -: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) ولقول النبي – صلى الله عليه وسلم – في حجة الوداع: "خذوا عني مناسككم".

وأما من توجه إلى مكة ولم يرد حجاً ولا عمرة؛ كالتاجر، والحطاب، والبريد ونحو ذلك فليس عليه إحرام إلا أن يرغب في ذلك؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحديث المتقدم لما ذكر المواقيت: "هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة"، فمفهومه أن من مر على المواقيت ولم يرد حجاً ولا عمرة فلا إحرام عليه. وهذا من رحمه الله بعباده وتسهيله عليهم، فله الحمد والشكر على ذلك، ويؤيد ذلك أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لما أتى مكة عام الفتح لم يحرم، بل دخلها وعلى رأسه المغفر؛ لكونه لم يرد حينذاك حجاً ولا عمرة، وإنما أراد افتتاحها وإزالة ما فيها من الشرك.

وأما من كان مسكنه دون المواقيت؛ كسكان جدة، وأم السلم، وبحرة، والشرائع، وبدر، ومستورة وأشباهها فليس عليه أن يذهب إلى شيء من المواقيت الخمسة المتقدمة، بل مسكنه هو ميقاته فيحرم منه بما أراد من حج أو عمرة، وإذا كان له مسكن آخر خارج الميقات فهو بالخيار إن شاء أحرم من الميقات، وإن شاء أحرم من مسكنه الذي هو أقرب من الميقات إلى مكة؛ لعموم قول النبي – صلى الله عليه وسلم – في حديث ابن عباس – رضي الله عنه – لما ذكر المواقيت قال: "ومن كان دون ذلك فمهله من أهله حتى أهل مكة يهلون من مكة" أخرجه البخاري ومسلم.

لكن من أراد العمرة وهو في الحرم فعليه أن يخرج على الحل ويحرم بالعمرة منه؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم - لما طلبت منه عائشة العمرة أمر أخاها عبد الرحمن أن يخرج بها إلى الحل فتحرم منه، فدل ذلك على أن المعتمر لا يحرم بالعمرة من الحرم، وإنما يحرم بها من الحل. وهذا الحديث يخصص حديث ابن عباس المتقدم، ويدل على أن مراد النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله: "حتى أهل مكة يهلون من مكة" هو الإهلال بالحج لا العمرة، إذ لو كان الإهلال بالعمرة جائزاً من الحرم لأذن لعائشة – رضي الله عنها – في ذلك ولم يكلفها بالخروج إلى الحل، وهذا أمر واضح، وهو قول جمهور العلماء – رحمة الله عليهم -، وهو أحوط للمؤمن؛ لأن فيه العمل بالحديثين جميعاً. والله الموفق.

وأما ما يفعله بعض الناس من الإكثار من العمرة بعد الحج من التنعيم أو الجعرانة أو غيرهما وقد سبق أن اعتمر قبل الحج – فلا دليل على شرعيته، بل الأدلة تدل على أن الأفضل تركه؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه – رضي الله عنهم لم يعتمروا بعد فراغهم من الحج، وإنما اعتمرت عائشة من التنعيم؛ لكونها لم تعتمر مع الناس حين دخول مكة بسبب الحيض، فطلبت من النبي – صلى الله عليه وسلم – أن تعتمر بدلاً من عمرتها التي أحرمت بها من الميقات، فأجابها النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى ذلك، وقد حصلت لها العمرتان:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير