تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويجوز لولي الصبي العاجز عن مباشرة الرمي أن يرمي عنه جمرة العقبة وسائر الجمار بعد أن يرمي عن نفسه، وهكذا البنت الصغيرة العاجزة عن الرمي يرمي عنها وليها؛ لحديث جابر – رضي الله -، قال: "حججنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ومعنا النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم". أخرجه ابن ماجه.

ويجوز للعاجز عن الرمي لمرض أو كبر سن أو حمل أن يوكل من يرمي عنه؛ لقول الله – تعالى -: "فاتقوا الله ما استطعتم"، وهؤلاء لا يستطيعون مزاحمة الناس عند الجمرات وزمن الرمي يفوت ولا يُشرع قضاؤه فجاز لهم أن يوكلوا بخلاف غيره من المناسك فلا ينبغي للمحرم أن يستنيب من يؤديه عنه ولو كان حجه نافلة؛ لأن من أحرم بالحج أو العمرة – ولو كانا نفلين – لزمه إتمامهما؛ لقول الله – تعالى -: "وأتموا الحج والعمرة لله"، وزمن الطواف والسعي لا يفوت بخلاف زمن الرمي.

وأما الوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة ومنى، فلا شك أن زمنها يفوت، ولكن حصول العاجز في هذه المواضع ممكن ولو مع المشقة، بخلاف مباشرته للرمي، ولأن الرمي قد وردت الاستنابة فيه عن السلف الصالح في حق المعذور بخلاف غيره.

والعبادات توقيفية ليس لأحد أن يُشرع منها شيئاً إلا بحجة، ويجوز للنائب أن يرمي عن نفسه ثم عن مستنيبه كل جمرة من الجمار الثلاث، وهو في موقف واحد، ولا يجب عليه أن يكمل رمي الجمار الثلاث عن نفسه ثم يرجع فيرمي عن مستنيبه في أصح قولي العلماء لعدم الدليل الموجب لذلك، ولما في ذلك من المشقة والحرج، والله – سبحانه وتعالى – يقول: " وما جعل عليكم في الدين من حرج"، وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: " يسَّروا ولا تُعسروا " ولأن ذلك لم ينقل عن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حين رموا عن صبيانهم والعاجز منهم، ولو فعلوا ذلك لنقل؛ لأنه مما تتوافر الهمم على نقله. والله أعلم.

في وجوب الدم

على المتمتع والقارن

ويجب على الحاج إذا كان متمتعاً أو قارناً – ولم يكن من حاضري المسجد الحرام – دم، وهو: شاة، أو سُبع بدنة، أو سُبع بقرة. ويجب أن يكون ذلك من مال حلال وكسب طيب؛ لأن الله – تعالى – طيب لا يقبل إلا طيباً.

وينبغي للمسلم التعفف عن سؤال الناس هدياً أو غيره سواء كانوا ملوكاً أو غيرهم إذا يسَّر الله له من ماله ما يهديه عن نفسه ويغنيه عما في أيدي الناس؛ لما جاء في الأحاديث الكثيرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذم السؤال وعيبه، ومدح من تركه.

فإن عجز المتمتع والقارن عن الهدي وجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، وهو مخير في صيام الثلاثة، إن شاء صامها قبل يوم النحر، وإن شاء صامها في أيام التشريق الثلاثة، قال – تعالى -: "فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام "، الآية.

وفي صحيح البخاري، عن عائشة وابن عمر – رضي الله عنهم – قالا: "لم يرخص في أيام التشريق أن يُصمن إلا لمن لم يجد الهدي "وهذا في حكم المرفوع إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -، والأفضل أن يقدم صوم الأيام الثلاثة على يوم عرفة، ليكون في يوم عرفة مفطراً؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – وقف يوم عرفة مفطراً، ونهى عن صوم يوم عرفة بعرفة ولأن الفطر في هذا اليوم أنشط له على الذكر والدعاء، ويجوز صوم الثلاثة الأيام المذكورة متتابعة ومتفرقة، وكذا صوم السبعة لا يجب عليه التتابع فيها، بل يجوز صومها مجتمعة ومتفرقة؛ لأن الله – سبحانه وتعالى – لم يشترط التتابع فيها، وكذا رسوله – عليه الصلاة والسلام – والأفضل تأخير صوم السبعة إلى أن يرجع إلى أهله؛ لقوله – تعالى -: "وسبعة إذا رجعتم".

والصوم للعاجز عن الهدي أفضل من سؤال الملوك وغيرهم هدياً يذبحه عن نفسه ومن أُعطي هدياً أو غيره من غير مسألة ولا إشراف نفس فلا بأس به، ولو كان حاجاً عن غيره، أي: إذا لم يشترط عليه أهل النيابة شراء الهدي من المال المدفوع له، وأما ما يفعله بعض الناس من سؤال الحكومة أو غيرها شيئاً من الهدي باسم أشخاص يذكرهم وهو كاذب، فهذا لا شك في تحريمه؛ لأنه من التأكل بالكذب، عافانا الله والمسلمين من ذلك.

أدعية الحج والعمرة

... دعاء الطواف

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير