وكان أول من ملك منهم المهدي وكان من سلمية حداداً وكان يهودياً فدخل بلاد المغرب وتسمى بعبيد الله وادعى أنه شريف علوي فاطمي، وقال عن نفسه إنه المهدي وقد راج لهذا الدعي الكذاب ما افتراه في تلك البلاد ووازره جماعة من الجهلة وصارت له دولة وصولة ثم تمكن إلى أن بنى مدينة سماها المهدية نسبة إليه وصار ملكاً مطاعاً يظهر الرفض وينطوي على الكفر المحض.
ثم كان من بعده ابنه القائم محمد ثم ابنه المنصور إسماعيل ثم ابنه المعز معد وهو أول من دخل ديار مصر منهم وبنيت له القاهرة المعزية والقصران ثم ابنه العزيز نزار ثم ابنه الحاكم منصور ثم ابنه الطاهر علي ثم ابنه المستنصر معد ثم ابنه المستعلي أحمد ثم ابنه الآمر منصور ثم ابن عمه الحافظ عبد المجيد ثم ابنه الظافر إسماعيل ثم الفائز عيسى ثم ابن عمه العاضد عبد الله وهو آخرهم فجملتهم أربعة عشر ملكاً ومدتهم مائتان ونيف وثمانون سنة.
وقد كان الفاطميون من أغنى الخلفاء وأكثرهم مالاً، وأجبرهم وأظلمهم، وأنجس الملوك سيرة وأخبثهم سريرة ظهرت في دولتهم البدع والمنكرات وكثر أهل الفساد وقل عندهم الصالحون من العلماء والعباد وكثر بأرض الشام النصرانية والدرزية والحشيشية .. " ا. هـ نقله من البداية والنهاية باختصار.
قال كاتب هذه السطور: إنما نقلت هاهنا طرفاً من سيرتهم حتى يعلم المخالفون الذين يحيون الاحتفالات بالموالد وغيرها من هو سلفهم في هذا الأمر فيرغبون عن هديهم والتشبه بهم فإنه من غير المعقول أن تكون هذه الأعياد المحدثة محمودة مندوباً إليها فتقصر عنها الأمة كلها طوال القرون الفاضلة ويسبقهم إليها أولئك العبيديون الضلال!!.
فصل: سلطان إربل وإحياء الموالد
وكان بالموصل رجل من الزهاد هو الشيخ عمر بن محمد الملا -وكانت له زاوية يقصد فيها وله في كل سنة دعوة في شهر المولد يحضر فيها عنده الملوك والأمراء والعلماء والوزراء ويحتفل بذلك-.
وقال أبو شامة في كتابه: "الباعث على إنكار البدع والحوادث" في معرض كلامه عن الاحتفال بالمولد النبوي -وكان أول من فعل ذلك بالموصل الشيخ عمر بن محمد الملا أحد الصالحين المشهورين وبه اقتدى في ذلك صاحب إربل وغيره رحمهم الله تعالى-.
وصاحب إربل هذا هو المظفر أبو سعيد كوكبري بن زيد الدين علي بن تبكتكين سلطان إربل المتوفى سنة 630هـ وهو أشهر من بالغ في الاحتفال بالمولد النبوي بعد العبيديين فكان يعمل لذلك احتفالاً هائلاً كما ذكر ابن كثير في تاريخه وقال: "قال السبط: حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف رأس مشوي وعشرة آلاف دجاجة ومائة ألف زبدية وثلاثين ألف صحن حلوى.
قال: وكان يحضر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية فيخلع عليهم ويطلق لهم ويعمل للصوفية سماعاً من الظهر إلى الفجر ويرقص بنفسه معهم .. ".
إلى أن قال: "وكان يصرف على المولد في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار" ا. هـ نقله من تاريخ ابن كثير.
وقال الشيخ علي محفوظ في "الإبداع في مضار الابتداع": (وأول من أحدث المولد النبوي بمدينة إربل الملك المظفر أبو سعيد في القرن السابع وقد استمر العمل بالموالد إلى يومنا هذا وتوسع الناس فيها وابتدعوا بكل ما تهواه أنفسهم وتوحيه إليهم شياطين الإنس والجن ولا نزاع في أنها من البدع إنما النزاع في حسنها وقبحها…) ا. هـ نقله.
فتبين مما سبق أن الاحتفال بالموالد ونحوها هو من ابتداع العبيديين ثم تابعهم عليها غيرهم من الزهاد والملوك وقلدهم في ذلك العوام وقد علمت أن هذا كله مخالف لدلالات النصوص الشرعية ولعمل سلف هذه الأمة في القرون المفضلة.
ويدخل في ذلك كل الاحتفالات والأعياد المحدثة سواء كانت متعلقة بمناسبات دينية كذكرى المولد النبوي أو الإسراء والمعراج أو الهجرة أو الغزوات والفتوحات أم تعلقت بغيرها من المناسبات كالأعياد الوطنية ونحوها فكلها داخل في النهي ويعظم خطرها ونكارتها إذا عرف أنها مأخوذة من أعياد الكفار، كأعياد اليوبيل بأنواعه: الفضي والذهبي والماسي.
المسألة الثالثة: من شبه المخالفين
ومن شبه المخالفين في هذه الأعياد المحدثة قوله: إن هذه ليست أعياداً وإنما هي احتفالات أو مناسبات وذكريات فقط بخلاف الأعياد التي يشرع فيها ذكر معين وصلاة معينة ونحو ذلك.
¥