تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قالوا وأما قولكم إنه لا يظن بالشرع تخفيفه عن هذا العامد المفرط بعدم إيجاب القضاء عليه وتكليف المعذور به فكلام بعيد عن التحقيق بين البطلان فإن هذا المعذور إنما فعل ما أمر به في وقته كما تقدم فهو في فعل ما أمر به كغير المعذور الذي صلى في وقته ونحن لم نسقط القضاء عن العامد المفرط تخفيفا عنه بل لأنه غير نافع له ولا مقبول منه ولا مأمور به فلا سبيل له إلى تحصيل مصلحة ما تركه فأين التخفيف عنه

قالوا وأما قولكم إن الصلاة خارج الوقت بدل عن الصلاة في الوقت وإذا تعذر المبدل انتقل إلى بدله فهل هذا إلا مجرد دعوى وهل وقع النزاع إلا في هذا فما الدليل على أن صلاة هذا المفرط العامد بدل ونحن نطالبكم بالأمر بها أولا وبكونها مقبولة نافعة ثانيا وبكونها بدلا ثالثا ولا سبيل لكم إلى إثبات شيء من ذلك ألبتة

وإنما يعلم كون الشيء بدلا بجعل الشارع له كذلك كشرعه التيمم عند العجز عن استعمال الماء والإطعام عند العجز عن الصيام وبالعكس كما في كفارة اليمين فأين جعل الشرع قضاء هذا المفرط المضيع بدلا عن فعله العبادة في الوقت وهذ ذلك إلا القياس الذي قد تبين فساده

قالوا وأما قياسكم فعلها خارج الوقت على صحة أداء ديون الآدميين بعد وقتها فمن هذا النمط لأن وقت الوجوب في حقه ليس محدود الطرفين كوقت الصلاة فالوجوب في حقه ليس مؤقتا محدودا بل هو على الفور كالزكاة والحج عند من يراه على الفور فلا يتصور فيه إخراج عن وقت محدود هو شرط لفعله

نعم أولى الأوقات به الوقت الأول على الفور وتأخيره عنه لا يوجب كونه قضاء

فإن قيل فما تصنعون بقضاء رمضان فإنه محدود على جهة التوسعة بما بين رمضانين ولا يجوز تأخيره مع القدرة إلى رمضان آخر ومع هذا لو أخره لزمه فعله وإطعام كل يوم مسكينا كما أفتى به الصحابة رضي الله عنهم وهذا دليل على أن العبادة المؤقتة لا يتعذر فعلها بعد خروج وقتها المحدود لها شرعا

قيل قد فرق الشارع بين أيام رمضان وبين أيام القضاء فجعل أيام رمضان محدودة الطرفين لا يجوز تقدمها ولا تأخرها وأطلق أيام قضائه فقال سبحانه كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر فأطلق العدة ولم يوقتها وهذا يدل على أنها تجزيء في أي أيام كانت ولم يجيء نص عن الله ولا عن رسوله ولا إجماع على تقييدها بأيام لا تجزيء في غيرها

وليس في الباب إلا حديث عائشة رضي الله عنها كان يكون على الصوم من رمضان فلا أقضيه إلا في شعبان من الشغل برسول الله ومعلوم أن هذا ليس صريحا في التوقيت بما بين الرمضانين كتوقيت أيام رمضان بما بين الهلالين فاعتبار أحدهما بالآخر ممتنع وجمع بين ما فرق الله بينهما فإنه جعل أيام رمضان محدودة بحد لا تتقدم عنه ولا تتأخر وأطلق أيام القضاء وأكد إطلاقها بقوله أخر وأفتى من أفتى من الصحابة بالإطعام لمن أخرها إلى رمضان آخر جبرا لزيادة التأخير عن المدة التي بين الرمضانين ولا تخرج بذلك عن كونها قضاء بل هي قضاء وإن فعلت بعد رمضان آخر فحكمها في القضاء قبل رمضان وبعده واحد بخلاف أيام رمضان

يوضح هذا انه لو أفطر يوما من أيام رمضان عمدا بغير عذر لم يتمكن أن يقيم مقامه يوما آخر مثله ألبتة ولو أفطر يوما من أيام القضاء قام اليوم الذي بعد مقامه

وسر الفرق أن المعذور لم يتعين في حقه أيام القضاء بل هو مخير فيها وأي يوم صامه قام مقام الآخر وأما غير المعذور فأيام الوجوب متعينة في حقه لا يقوم غيرها مقامها

قالوا وأما من ترك الجمعة عمدا فإنما أوجبنا عليه الظهر لأن الواجب في هذا الوقت أحد الصلاتين ولا بد إما الجمعة وإما الظهر فإذا ترك الجمعة فوقت الظهر قائم وهو مخاطب بوظيفة الوقت

قالوا ولا سيما عند من يجعل الجمعة بدلا من الظهر فإنه إذا فاته البدل رجع إلى الأصل وهذا إن كان القضاء ثابتا بالإجماع أو بالنص وإن كان فيه خلاف أجبنا بالجواب المركب

فنقول إن كان ترك الجمعة مساويا لترك الصلاة حتى يخرج وقتها فالحكم في الصورتين واحد ولا فرق حينئذ عملا بما ذكرنا من الدليل وإن كان بينهما فرق مؤثر بطل الإلحاق فامتنع القياس فعلى التقديرين بطل القياس

قالوا وأما تأخير النبي صلاة العصر يوم الأحزاب إلى غروب الشمس فللناس في هذا التأخير هل هو منسوخ أم لا قولان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير