تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أثر التكنولوجيا الحديثة في النظر الفقهي "الطلاق بالهاتف النقال نموذجا"]

ـ[محمود شعبان]ــــــــ[30 - 11 - 05, 06:20 م]ـ

أثر التكنولوجيا الحديثة في النظر الفقهي

"الطلاق بالهاتف النقال نموذجا"

د. فريدة صادق زوزو 28/ 10/1426

30/ 11/2005

توطئة:

في ظل التطور التكنولوجي المذهل تطور أساليب وتقنيات الاتصال، إذ تعددت وسائل الاتصال الحديثة وظهر إلى جانب الهاتف والتلكس والتلغراف الفاكس والإنترنيت وأنواع مختلفة للهاتف مثل الهاتف النقال، وهي آخر ما توصل إليه العقل الإنساني في مجال الاتصالات، وقد تظهر في المستقبل وسائل أخرى لقد أسهمت تلك الوسائل في تقريب البعيد، فاختصرت المسافات، وساعدت في تطوير عمليات إجراء العقود التي كانت بالعادة تكون في مجلس واحد، فتغيرت إلى عقود تجري عبر المراسلة الخطية التي ينقلها البريد العادي والفاكس والتلكس والتلغراف والأنترنيت، أو المراسلة الكلامية التي ينقلها الهاتف أو الإنترنيت في بريده الالكتروني أو غرف دردشته. فانتشر ما يعرف بـ "العقود التجارية الالكترونية"، " الزواج الالكتروني"، وغيرها.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الأمر فقط بل تعداه إلى إجراء فسخ العقود عبر الوسائل نفسها، فيُفسخ عقد أو زواج ما بمكالمة هاتفية أو برسالة مبعوثة عبر بريد الكتروني أو هاتف نقال أو رسالة بالبريد العادي أو الجوي أو البريد المسجل لا يهم، فالمهم أن الفسخ قد تم، والطلاق وقع، ولكن هل وقع شرعا كما وقع واقعا؟ هذا السؤال هو الذي سيدور عليه البحث في هذه الورقة النقاشية بإذنه تعالى.

ولمناقشة هذه القضية (الطلاق عبر الهاتف النقال) لابد من معرفة كثير من المسائل المتعلقة بالموضوع، والتي يسهل من خلالها التفصيل في المسألة ومعرفة حكمها الشرعي؛ ومن هذه المسائل مايلي: الحديث عن معنى الطلاق وصيغته ونوعه، وهل يحتاج إلى مجلس واحد، وهل يحتاج إلى إشهاد، وتوثيق وغيرها من المسائل.

فالطلاق عن طريق البريد الإلكتروني يحتاج إلى نظر فقيه وفتوى مجتهد لنعرف مدى شرعيته وصوابه في الفقه الإسلامي حتى يمكن القول إنه طلاق صحيح مثله مثل الطلاق الصريح عن طريق تلفظ الزوج بلفظ الطلاق الصريح أو كتابته لها.

تعريف الطلاق:

قال القرطبي:" الطلاق هو حل العصمة المنعقدة بين الأزواج بألفاظ مخصوصة" (1).

إذا أردنا شرح التعريف: فإن أول أمر يتبادر للذهن أن الطلاق ليس عقدا وإنما هو فسخ العقد.

وطريقة الوصول إلى ذلك كما تحددت في التعريف "ألفاظ مخصوصة"، فهل يقع الطلاق بغير هذه الوسيلة؟ هذا هو سؤال الإشكالية هنا.

آراء العلماء في وقوع الطلاق بغير اللفظ:

المتأخرون ناقشوا مسألة الطلاق بالكتابة إلى الغائب، كما سيأتي تفصيله، واتفقوا على وقوع الطلاق بالكتابة المعنونة باسم الزوجة والموجهة إليها شخصيا، وجعلوا حكمها حكم الطلاق الصريح إذا كان اللفظ صريحا.

وبظهور صور جديدة للوسيلة التي يقع بها الطلاق:

فهل يمكن أن يقع الطلاق بالفعل أو الكتابة، أو الإشارة المفهومة، أو المفهوم من القرائن وسياق الكلام؟

الوسائل التي تقوم مقام اللفظ:

الطلاق بالفعل: الأصل أن الفعل لا يقع به طلاق، فمن يغضب من زوجته ويأخذها إلى بيت أهلها، ويبعث لها مؤخر صداقها مثلا دون أن يتلفظ بالطلاق، لا يعدّ مطلقا (2).

الطلاق بالإشارة: يقع الطلاق بالإشارة، إذا انضم للإشارة من القرائن ما يؤكد على دلالتها على الطلاق في عرفه الذي يعلمه المتصلون به.

الطلاق بالكتابة: إذا كان الطلاق يقع بكل لفظ يدل عليه إذا وضحت الدلالة، واستبان قصد إيقاع الطلاق فإن ما يقوم مقام اللفظ الصريح الكتابة المستبينة (التي تبقى صورتها بعد الانتهاء منها) إذا كانت باسم الزوجة وعنوانها (3).

الطلاق بالإرسال: ومعناه أن يجعل الزوج إعلام زوجته بثبوت طلاقها لغيره، وذلك بأن يرسل إليها من يخبرها أنه طلقها (4).

الإقرار بالطلاق: وهو واقع، فإذا قال الزوج لشخص اكتب طلاق امرأتي وابعث به إليها. فإن ذلك يكون إقرارا بالطلاق فسواء كتب أو لم يكتب يقع الطلاق (5).

صور الطلاق الحديثة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير