تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

للطلاق صور حديثة في الطريقة التي يتم بها وقوع الطلاق بين الزوجين، فبعد أن كان يتم مشافهة وفي حضور الزوجة أو وليّها أو وكيلها، ظهرت له صورة أخرى في العقود المتأخرة وهي كتابته في ورقة وإرساله عبر البريد العادي، أما الآونة الأخيرة فإنها تشهد صورا أخرى استدعى وجودها واستعمالها التطور التكنولوجي الحادث في وسائل الاتصال، فظهر طلاق الرسالة المسجلة في الهاتف النقال، وظهر طلاق البريد الإلكتروني، وهو ما سنناقشه في الآتي:

(1) الطلاق برسالة الهاتف النقال (قضية محكمة قومباك – ولاية سلانجور دار الإحسان-ماليزيا):

إرسال رسالة مختصرة بالهاتف النقال:

في الوقت الذي يشهد فيه العالم الإسلامي تزايدا في نسبة الطلاق، خاصة بين حديثي العهد بالزواج، فإننا نشهد أيضا حضورا قويا لمهمة جديدة للهاتف النقال فيما يخص هذا الموضوع؛ إذ أصبح أحد الوسائل التي يتم بها الطلاق، فالرجل لا يجد عناء في كتابة كلمات الطلاق لزوجته بدل مخاطبتها بذلك.

وإذ تبدو أن وسيلة الهاتف النقال تشبه إلى حد كبير الوسائل الأخرى المتأخرة مثل الرسالة، إلا أنها تختلف عنها في طريقة وهيئة مباشرة الطلاق، وكيفية وصوله للزوجة، فهو طريقة غريبة أو بالأحرى ساخرة في إيقاع الطلاق، فإنه نوع من أنواع إهانة مشاعر الزوجة (مهما كانت المشاكل بينها وبين مطلقها)، ومنه الاستهزاء بتعاليم هذا الدين الذي أباح الطلاق ولكنه (أبغض الحلال إلى الله).

ألم يقل المولى تبارك وتعالى: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} (البقرة:229)؟

فأين يكمن الإحسان في رسالة مسجلة بالهاتف تنزل كالصاعقة على المرأة؟

وهنا سؤال جوهري يحتاج لإجابة وافية:

ما الداعي أصالة لهذه الوسيلة إذا ما اقتضى الأمر استدعاء الزوج لدى القاضي وتأكيد هذه الواقعة- كما سنرى في الواقعة التالية؟

وكما جاء عند د/محمد عقلة الذي قال:" إيقاع الطلاق من خلال الوسائل الحديثة كالهاتف والبرقية والتلكس والكاسيت يعتمد على اللفظ أو الكتابة، ومن يقع بها الطلاق إذا سمعت المرأة صوت زوجها، وتيقنت من أنه هو المتحدث، أو قرأت برقيته وتأكدت أنه هو المرسل. ولكن في مثل هذه الحالات على الرجل أن يشهد على طلاقه، ويسجله في المحكمة، ويبلغه رسميا للمطلقة بالبريد المسجل، أو عن طريق السفارة ليتخذ صفة القطع وعدم تطرق الاحتمال إليه" (6).

فهل المثول بين يدي القاضي واعتراف الزوج بأنه أرسل الرسالة يعتبر هو الطلاق الصحيح وليس الأول (المسجل في الهاتف)؟ ومعنى هذا أن الأول ملغى في نظر المحكمة إلا إذا تأكد من صحته؟ والمعروف أن الطلاق لا يقع فيه الإشهاد.

وهذه المسائل قد حدثت في الواقعة التالية:

في يوم الخميس 31 - 7 - 2003 قضت محكمة الشريعة الابتدائية في شرق جومباك بمدينة (سلانجور)، بماليزيا بأن "الطلاق عبر رسائل المحمول يعتبر نافذا بشرط تحقق المحكمة من حدوثه".

وحكم القاضي بالمحكمة ذاتها "محمد فاؤزي إسماعيل" بأن زواج "أزيدة فاظلينا عبد اللطيف" من "شمس لطيف" قد بطل عندما أرسل هذا الأخير إليها رسالة عبر النقال قال فيها: "إذا لم تغادري منزل والديك فأنت طالق".

الحديث بالهاتف النقال وإيقاع لفظ الطلاق:

إذا كان الطلاق عادة يحدث والزوجان في حالة غضب فإن استخدام هذه الوسيلة يظهر أن الرجل يستخدم حقه في التطليق وهو في كامل وعيه، ويمكن بذلك تسمية هذا الطلاق بالطلاق الهادئ بدلا من الطلاق الصريح، فهو طلاق القصد فيه كامل ومتحقق ومتيقن منه.

واللفظ الصريح كأن يقول الرجل لزوجته: أنت طالق، فهو لفظ لا يحتمل غيره.

وأما لفظ الكناية: فهو اللفظ الذي يحتمل الطلاق وغيره، مثل قوله: أنت خلية، أنت حرة، اذهبي إلى بيت أهلك ... وما أشبه ذلك فلا تقبل إلا بنية التطليق.

أما في حالة طلاق الهاتف النقال فإن الزوج لا يتلفظ بالطلاق وإنما يكتبه ثم يقوم بارساله إلى زوجته، وهذه العملية لا يمكن أن تتم والزوج غير قاصد أو غافل عما يفعل؛ إذن الطلاق صر يح مقصود والباعث فيه واضح.

وقد استعمل فيه وسيلتين من وسائل إيقاع الطلاق وهما: وسيلة الكتابة، ووسيلة الإرسال.

وهذه أحد جوانب الموضوع، أما الجانب الثاني فهو مسألة الإشهاد، كما يأتي.

الطلاق بالهاتف النقال وحكم الإشهاد:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير