[هل يجوز أن يكون الشيطان شيخا لأحد؟]
ـ[وائل النوري]ــــــــ[02 - 12 - 05, 10:37 ص]ـ
في ليل خدوع غرور وزمن خؤون غدور، نتأ قوم نكور، عرفوا بالتصوف، اتخذوا لأنفسهم شارات ورموز، وأضفوا على أقطابهم هالات واعتقادات، مايزوا بها أئمة المسلمين من الصحابة والتابعين وعلماء الأمة.
ولا زالوا إلى هذا العهد ينزهون شيوخهم عن النقائص ويعتقدون فيهم القداسة بل ويسبغون عليهم صفات الألوهية ويخضعون لأوامرهم دون عرضها على كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلا طريق بدون شيخ، بل لا دين دونه. يقول أبو يزيد البسطامي: من لم يكن له أستاذ فإمامه الشيطان. الرسالة القشيرية (181)
قال أبو حامد الغزالي: فكذلك المريد يحتاج إلى شيخ وأستاذ يقتدي به لا محالة، ليهديه إلى سواء السبيل، فإن سبيل الدين غامض. الإحياء (3/ 65)
لا حول ولا قوة إلا بالله، لقد تعسر على العامة الدين، فليس لهم سبيل إلى الله سبحانه إلا من بابة الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر!!.
وأما طريق أهل الحق والسداد فحفظ مراتب ومنازل العلماء والشيوخ وموالاتهم، واعتقاد حرمتهم، وإمانتهم، واجتهادهم في حفظ الدين وضبطه، ودعوتهم إليه، فهم دائرون بين الأجر والأجرين والمغفرة.
فلهم المحبة والتوقير وعليهم البيان والتبشير، فهم الموقعون عن الله تعال، وكل يؤخذ من قوله ويرد وإن كان الغوث الفرد إلا المصطفى الحبيب صلوات الله عليه وسلامه.
فإليك أيها المسلم هذا البيان لمفهوم الشيخ وحدوده عند بعض المنصوفة.
قال ابن عربي الحاتمي في الفتوحات المكية:
ما حرمة الشيخ إلا حرمة الله ....... فقم بها أدبا لله بالله
قلت: فما حرمة الشيخ وما حدودها؟!
أيها المسلم .. أيها السني راعني سمعك، وأشهد قلبك، فإن الخطب جسيم، والهول عظيم، وليس لك والله سوى الحوقلة ثم الاسترجاع.
قال علي المرصفي كما في طبقات الشعراني (2/ 128): وإن قال قائل للمريد: إن كلام شيخه معارض لكلام العلماء أو دليلهم، فعليه الرجوع إلى كلام شيخه ... و إذا خرج المريد عن حكم شيخه وقدح فيه، فلا يجوز لأحد تصديقه، إنه في حال تهمة، لارتداده عن طريق شيخه.
قلت: حسبي الله ونعم الوكيل. قال الله تعالى: "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" فعلق الأمر بالحجة والبرهان، فما قيمتهما عند القوم؟!
قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أراهم سيهلكون، أقول: قال النبي صلى الله عيه وسلم، ويقول: نهى أبو بكر وعمر!. رواه أحمد بسند صحيح
آ أبو بكر وعمر خير، وأصدق قيلا وحالا، أم شيوخكم؟! نبئوني بعلم إن كنتم صادقين!!
رحمك الله يا شافعي إذ قلت: أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عيه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد.
وقال ابن حزم في النبذ (114): التقليد حرام لا يحل لأحد أن يأخذ بقول أحد بلا برهان.
قال أبو بكر بن أبي داود الأشعث:
تمسك بحبل الله واتبع الهدى ...... ولا تك بدعيا لعلك تفلح
ودن بكتاب الله والسنن التي ...... أتت عن رسول الله تنجو وتربح
قال أحمد الرفاعي: من يذكر الله تعالى بلا شيخ، لا الله حصل! ولا نبيه! ولا شيخهّ!. قلادة الجواهر (177)
قلت: حسبي قول ربي " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم". الشورى 21
قال ابن جرير عند قول الله تعالى"ولولا كلمة الفصل": ولولا السابق من الله في أنه لا يعجل لهم العذاب في الدنيا وأنه مضى من قيله إنهم مؤخرون بالعقوبة إلى قيام الساعة لفرغ من الحكم بينكم وبينهم بتعجيلنا العذاب لهم في الدنيا ولكن لهم في الآخرة من العذاب الأليم. ابن جرير (11/ 141)
لكن المقصود تحقيق أن إمهالهم إلى أجل مسمى لا يفلتهم من المؤاخذة بما ظلموا. التحرير والتنوير (1/ 3863)
فهذه العقيدة تحتاج إلى تعزير وإعلان بالتوبة منها، فإذا لم تكن شركا، فما معنى الشرك؟!
قال أبو مدين كما في الفتوحات الإلهية (230):
وراقب الشيخ في أحواله فعسى ...... يرى عليك من استحسانه أثرا
ففي رضاه رضا الباري وطاعته ...... يرضى عليك فكن من تركها حذرا
¥