نأتي الآن .. إلى النعرات العرجاء التي تدعو إلى إحترام المبتدعة و توقيرهم بل و قد تدعو إلى مجالستهم و عدم التحذير منهم (لأننا بحاجة إلى الوحدة) .. أقول لهؤلاء إتقوا الله عباد الله ... إن بطش ربك لشديد .. أنتحد على الكتاب و السنة بفهم سلف الأمة .. أم نتحد على حسابهما!! .. و أقول من مكاني هذا:
لا توقير و لا إحترام لصاحب بدعة مالم يدعها
من دلائل البراءة من المبتدعة انتقاصهم و احتقارهم و التعرّض لهم بالإهانة و هتك الأستار، و بيان ما يحذرهم الناس بسببه، و عدم توقيرهم كي لا يغتر بهم العامة فينزلوهم منزلاً ليسوا أهلاً له.
لذلك كان أئمة السلف يحتقرون المبتدعة، و يهينونهم.
و حكى الإمام الصابوني (أنّ أهل السنة اتفقوا على القول بقهر أهل البدع و إذلالهم و إخزائهم و إبعادهم و إقصائهم و التباعد منهم و عن صحبتهم و عن مجادلتهم، و التقرّب إلى الله ببغضهم و مهاجرتهم)
[عقيدة السلف أصحاب الحديث، للصابوني، ص: 130].
و من علم وجه تحقير المبتدعة و عدم توقيرهم و عظم ما يستلزمه عدّه من الواجبات:
قال الإمام الشاطبي رحمه الله في تعظيم صاحب البدعة و المشي إليه: (إن المشي إليه و التوقير له تعظيم له لأجل بدعته، و قد علمنا أن الشرع يأمر بزجره و إهانته و إذلاله، بما هو أشد من هذا، كالضرب و القتل، فصار توقيره صدوداً عن العمل بشرع الإسلام، و إقبالاً على ما يضاده و ينافيه، و الإسلام لا ينهدم إلا بترك العمل به و الإيمان بما ينافيه، و أيضاً فإن توقي صاحب البدعة مظنّة لمفسدتين تعودان بالهدم على الإسلام:
إحداهما: التفات العامّة و الجهّال إلى ذلك التوقير، فيعتقدون في المبتدع أنّه أفضل الناس، و أن ما هو عليه خيرٌ ممّا هو عليه غيره، فيؤدي ذلك إلى اتباعه على بدعته، دون اتباع أهل السنّة على سنّتهم.
و الثانية: أنّه إذا وُقّر من أجل بدعته صار ذلك كالحادي المحرض له على إنشاء الابتداع في كلّ شيء، و على كلٍّ حال، فتحيا البدع، و تموت السنن، و هو هدم الإسلام).
[الاعتصام، للشاطبي: 1/ 114].
و لذلك قال إبراهيم بن ميسرة: (من وقر صاحب بدعة، فقد أعان على هدم الإسلام).
[رواه اللالكائي، برقم 273. و نسبه أبو شامة في الباعث، ص: 17، و السيوطي في الأمر بالاتباع، ص: 18 إلى محمد بن أسلم، و الشاطبي في الاعتصام: 1/ 113 إلى هشام بن عروة، و رواه الذهبي في الميزان مرفوعاً عن ابن عبّاس بإسناد فيه بهلول بن عبيد الكندي الكوفي، و هو ضعيفٌ ذاهب الحديث، راجع الميزان: 1/ 355].
و قال سفيان الثوري رحمه الله: (من سمع مبتدعاً لم ينفعه الله بما سمع، و من صافحه فقد نقض الإسلام عروةً عروةً).
[الأمر بالاتباع، للسيوطي، ص: 19].
و من هذا المنطلق قال طاووس لمّّا رأى مَعبد الجهني يطوف بالبيت: (هذا معبد فأهينوه).
[رواه اللالكائي: 1/ 114].
فلا توقير، و لا مصافحة، بل يهان المبتدع، و لو كان في أقدس الأماكن، و لو تحت أستار الكعبة، فما أعظم جريرته!!
و لو تبرّأ أهل السنة من المبتدعة و أعرضوا عن توقيرهم و احترامهم لخنس هؤلاء، و صار حالهم كحال بني إسرائيل إذ (ضربت عليهم الذلّة و المسكنة).
قال الإمام الشاطبي رحمه الله: (كل من ابتدع في دين الله فهو ذليل حقير بسبب بدعته، و إن ظهر لبادئ الأمر في عزّه و جبروته، فهم في أنفسهم أذلاء، ألا ترى أحوال المبتدعة في زمان التابعين، و فيما بعد ذلك؟! حتى تلبسوا بالسلاطين و لاذوا بأهل الأرض، و من لم يقدر على ذلك استخفى ببدعته، و هرب بها عن مخالطة الجمهور)
[الاعتصام، للشاطبي: 1/ 126].
يتبع،،
ـ[مشرف منتدى نور الإسلام]ــــــــ[02 - 12 - 05, 03:09 م]ـ
و لمّا تبرأ الخيار من أهل البدع و دعاتها ضنوا عليهم بالسلام و المجالسة و التوقير، و كلّ حقوق المسلم، بل ذهبوا أبعد من ذلك فتبرأوا من علومهم، حتى لم يكونوا يعلّمونهم أو يتعلّمون منهم خشية تسلل شبهاتهم و أهوائهم إلى من سواهم. و خشية من هذه المفسدة، و درءاً لها أعرض السلف عن علوم المبتدعة، و لم يأتمنوهم على شيء من دين الله.
¥