الثاني أن يفرد واحد منهم بالذكر فيقال اللهم صل على علي أو على حسن أو حسين أو فاطمة ونحو ذلك فاختلف في ذلك وفي الصلاة على غير آله من الصحابة ومن بعدهم فكره ذلك مالك وقال لم يكن ذلك من عمل من مضى وهو مذهب أبي حنيفة أيضا وسفيان بن عيينة وسفيان الثوري وبه قال طاووس
وقال ابن عباس لا ينبغي الصلاة إلا على النبي
قال اسماعيل بن اسحاق حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال حدثنا عبد الرحمن بن زياد حدثني عثمان بن حنيف عن عكرمة عن ابن عباس انه قال لا تصلح الصلاة على أحد إلا على النبي ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالإستغفار
وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز
قال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي عن جعفر بن برقان قال كتب عمر بن عبد العزيز إما بعد فإن ناسا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة وان القصاص قد احدثوا في الصلاة على خلفائهم وامرائهم عدل صلاتهم على النبي فإذا جاءك كتابي فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعاؤهم للمسلمين عامة ويدعو ما سوى ذلك
وهذا مذهب أصحاب الشافعي ولهم ثلاثة اوجه
أحدها انه منع تحريم
والثاني وهو قول الاكثرين انه منع كراهية تنزيه
والثالث انه من باب ترك الأولى وليس بمكروه حكاها النووي في الاذكار قال والصحيح الذي عليه الاكثرون انه مكروه كراهة تنزيه
ثم اختلفوا في السلام هل هو في معنى الصلاة فيكره أن يقال السلام على فلان أو قال فلان عليه السلام فكرهه طائفة منهم أبو محمد الجويني ومنع أن يقال عن علي عليه السلام وفرق آخرون بينه وبين الصلاة فقالوا السلام يشرع في حق كل مؤمن حي وميت وحاضر وغائب فإنك تقول بلغ فلانا مني السلام وهو تحية أهل الإسلام بخلاف الصلاة فإنها من حقوق الرسول ولهذا يقول المصلي السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ولا يقول الصلاة علينا وعلى عباد الله الصالحين فعلم الفرق
واحتج هؤلاء بوجوه
أحدها قول ابن عباس وقد تقدم
الثاني أن الصلاة على غير النبي وآله قد صارت شعار أهل البدع وقد نهينا عن شعارهم ذكره النووي
قلت ومعنى ذلك أن الرافضة إذا ذكروا ائمتهم يصلون عليهم بأسمائهم ولا يصلون على غيرهم ممن هو خير منهم واحب إلى الرسول فينبغي أن يخالفوا في هذا الشعار
الثالث ما احتج به مالك رحمه الله أن هذا لم يكن من عمل من مضى من الأمة ولو كان خيرا لسبقونا اليه
الرابع أن الصلاة قد صارت مخصوصة في لسان الأمة بالنبي تذكر مع ذكر اسمه كما صار عز وجل وسبحانه وتعالى مخصوصا بالله عز وجل يذكر مع ذكر اسمه ولا يسوغ أن يستعمل ذلك لغيره فلا يقال محمد عز وجل ولا سبحانه وتعالى فلا يعطي المخلوق مرتبة الخالق فهكذا لا ينبغي أن يعطى غير النبي مرتبته فيقال قال فلان
الخامس أن الله سبحانه قال لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا النور 63 فأمر سبحانه إلا يدعى باسمه كما يدعى غيره باسمه فكيف يسوغ أن تجعل الصلاة عليه كما تجعل على غيره في دعائه والاخبار عنه هذا مما لا يسوغ اصلا
السادس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شرع لامته في التشهد أن يسلموا على عباد الله الصالحين ثم يصلوا على النبي فعلم أن الصلاة عليه حقه الذي لا يشركه في أحد
السابع أن الله سبحانه ذكر الأمر بالصلاة عليه في معرض حقوقه وخواصه التي خصه بها من تحريم نكاح أزواجه وجواز نكاحه لمن وهبت نفسها له ايجاب اللعنة لمن آذاه وغير ذلك من حقوقه واكدها بالأمر بالصلاة عليه والتسليم فدل على أن ذلك حق له خاصة وآله تبع له فيه
الثامن أن الله سبحانه شرع للمسلمين أن يدعو بعضهم لبعض ويستغفر بعضهم لبعض ويترحم عليه في حياته وبعد موته وشرع لنا أن نصلي على النبي في حياته وبعد موته فالدعاء حق للمسلمين والصلاة حق لرسول الله فلا يقوم أحدهما مقام الآخر ولهذا في صلاة الجنازة إنما يدعى للميت ويترحم عليه ويستغفر له ولا يصلى عليه بدل ذلك فيقال اللهم صل عليه وسلم وفي الصلوات يصلى على النبي ولا يقال بدله اللهم اغفر له وارحمه ونحو ذلك بل يعطى كل ذي حق حقه
¥