وأفيد الإخوة بأني قد هممت بكتابة خطاب يتعلق بهذه الأمور لأرسله إلى الجمعية بعد، ولكني آثرت التوقف ريثما أرى إفادات الإخوان ومشاركاتهم، فربما في المسائل المذكورة نقل لم يبلغه علمي القاصر، أو ربما كان لهم فيها وجه صحيح لم يدركه فهمي المحدود.
فشكر الله لمن أفاد وأسهم سابقاً ولاحقاً.
ـ[حارث همام]ــــــــ[06 - 12 - 05, 06:51 م]ـ
وذلك في ملتقى أهل التفسير:
"بسم الله الرحمن الرحيم
المسائل الثلاث تشترك في أمر واحد، وهو تعظيم المصحف، وهو أهل للتعظيم والاحترام، وكل ما يوهم امتهانه فهو منهي عنه، ولا أشك أن قصد من منع من هذه الأمور يرمي إلى تربية النشء على تعظيم قدر كتاب الله في النفوس. غير أن الخروج عن حد الاعتدال في ذلك يوجب الحرج والمشقة، ولا سيما الطلاب والطالبات الذين يحتاجون إلى حمل المصحف كله أو شيء منه إلى المدرسة للنظر والقراءة فيه كل يوم تقريباً، وفي إلزامهم بالتزام ما ورد في الأسئلة مشقة وعسر، لا يتهيأ لكل أحد أن يلتزم بها، ولا يخل بشيء منها على طول التعامل مع المصحف.
فأما المسألة الأولى، وهي (النهي عن وضع المصحف بحيث تكون سورة البقرة في أسفله وسورة الناس في أعلاه) فلعل مَنْ نَهى عن ذلك نظر إلى موضوع ترتيب السور في المصحف، وأنه يجب أن يوضع المصحف في موضعه على هذا الترتيب بحيث تبقى الفاتحة والبقرة أعلاه، غير أنه لا دليل على ذلك فيما أعلم، ولم أجد أحداً ممن تكلم عن آداب التعامل مع المصحف تعرض لهذا، ولذلك فلعل الصحيح عدم اعتبار هذا الأمر في وضع المصحف في موضعه. وهذا ليس داخلاً في مسألة ترتيب المصحف مع غيره من الكتب التي تكلم العلماء عنها، بحيث يكون المصحف أعلاها.
وأما المسألة الثانية وهي (النهي عن وضع الحقيبة التي فيها المصحف على الظهر أو في الأرض) فقد ورد سؤال للشيخ حسين المغربي رحمه الله تعالى: ما قولكم فيمن ربط المصحف بشيء، ووضع ذلك الشيء على كتفه، فصار القرآن خلف ظهره، هل يعد ذلك من الامتهان المحرم أم لا؟ فأجاب:
في (الزرقاني [أي شرح الزرقاني للموطأ]) أن هذا ليس من الامتهان المحرم والله أعلم.
وجاء في الفتاوى البزازية: لو وُضعَ المُصحفُ في الخُرْجِ وركب عليه في السفر لا بأس به، كوضع المصحف تحت رأسه للحفظ، ولغيره يكره).
انظر: مجموع فتاوى القرآن الكريم جمع وتحقيق د. محمد موسى الشريف 1/ 259 - 260
وأما المسألة الثالثة، وهي (النهي عن وضع خط أسفل الكلمة التي تخطئ فيها الطالبة لمراجعتها وتذكر الخطأ لاحقاً) فقد ورد كلام لبعض العلماء عن جواز الكتابة على المصحف، بحيث لا يكتب إلا المهم المتعلق بلفظ القرآن دون القصص والأعاريب الغريبة، ولم أجد من أشار إلى حكم وضع علامات على الكلمات التي يكثر الخطأ في قراءتها للتنبه إليها مستقبلاً كما في السؤال. والذي يبدو لي والله أعلم أن التأدب مع المصحف بعدم الكتابة عليه هو الأولى، حتى يستقر في نفوس الطلاب منذ الصغر تعظيم هذا الكتاب، غير أنه يمكن أن يعفى عن مثل هذا في الأجزاء الخاصة بالطلاب كجزء عم، أو ربع يس الذي يتعلم فيه الطلاب في المراحل الأولية، وتعتبر هذه النسخة من القرآن للتعليم خاصة بالطالب أو الطالبة فقط، فيعفى عن مثل هذه العلامات التي تكون معينة للطالب أو الطالبة على حسن القراءة والمراجعة، على أن يكون ذلك في حدود ضيقة والله أعلم".
وهذا جواب ثمين، أتى فيه صاحبه بما لم أستطع العثور عليه رغم البحث غير القليل، وكنت قد كتب جواباً أعلقه في الرد التالي:
ـ[حارث همام]ــــــــ[06 - 12 - 05, 06:53 م]ـ
أما الجواب الذي كتبته -وأنشره للفائدة وطلباً للتسديد- فنصه:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فإن تعظيم كتاب الله عزوجل مطلوب، وقد أجمعت الأمة على وجوب تعظيم القرآن على الإطلاق وتنزيهه وصيانته، كما نقل النووي وغيره، قال الله تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)، قال القرطبي: "الشعائر جمع شَعيرة، وهو كل شيء لله تعالى فيه أمر أشعَر به وأعلم"، وقال سبحانه في آية قبلها: (ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير خير له عند ربه)، قال الشوكاني: "قال الزجاج: الحرمة ما وجب القيام به وحرم التفريط فيه، وهي في هذه الآية ما نهي عنها، ومنع من الوقوع فيها. والظاهر من الآية عموم كل حرمة
¥