تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ فَلَمَّا رَأَتْ الْجِدَّ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا وَهِيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتْهُ فَانْطَلَقْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ عُمَرُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ " " دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ " " فَإِنَّهُ قَدْ كَفَرَ " فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْت؟. قَالَ حَاطِبٌ: " وَاللَّهِ مَا بِي أَنْ لا أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " " وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي وَلا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلام " " وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا " " وَمَا غَيَّرْتُ وَلا بَدَّلْتُ "ِ " مَا كَانَ بِي مِنْ كُفْرٍ وَلا ارْتِدَادٍ " " أَمَا إِنِّي لَمْ أَفْعَلْهُ غِشًّا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا نِفَاقًا قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ مُظْهِرٌ رَسُولَهُ وَمُتِمٌّ لَهُ أَمْرَهُ " " فقلت أكتب كتاباً لا يضر الله ولا رسوله " أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلاَّ لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِه. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَ وَلا تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَدَعْنِي فَلأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ: أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَال: َ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمْ الْجَنَّةُ، أَوْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

فأنت ترى أنَّ حاطباً - رضي الله عنه - شعر بخطئه في إفشاء سر رسول الله صلى الله عليه وسلم وموالاته لكفار قريش، وظهر له أنَّ هذا كفرٌ وردة لكنه يعلم من نفسه أنه لم يفعله ارتداداً عن دين الله فقال: ولم أفعله إرتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام، وما غيرت ولا بدلت - أي ديني - أما إني لم أفعله غشاً يا رسول الله ولا نفاقاً.

إذن هذا العمل بمجرده يُعَدُّ كفراً وارتداداً وغشاً ونفاقاً، وكأنه - رضي الله عنه - ذُهل عن هذا الأمر أثناء الوقوع في المعصية بعذر قدَّمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله: " أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي ".

فإمَّا أن يقال كان جاهلاً وما تبين له هذا إلا بعد أن استجوبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يقال كان - رضي الله عنه - متأولاً وهذا أصوب بدليل أنه قال كما صحت به رواية أحمد وأبو يعلى وابن حبان: " أَمَا إِنِّي لَمْ أَفْعَلْهُ غِشًّا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا نِفَاقًا قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ مُظْهِرٌ رَسُولَهُ وَمُتِمٌّ لَهُ أَمْرَهُ " فهو يعلم أن المولاة كُفر لكنه لا يَعِدُّ ما فعله موالاة - تأولاً - لثقته أن الله ناصرٌ رسوله صلى الله عليه وسلم، وكما صحت به رواية البزار والحاكم والضياء من قوله: " كان أهلي فيهم فخشيت أن يغيروا عليهم فقلت أكتب كتاباً لا يضر الله ولا رسوله " فهو لثقته الكبيرة بربه ونصره لرسوله صلى الله عليه وسلم وأن كتابه سيفرحُ به كفار قريش ويحموا له أهله لكن لن يضر الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، لذلك قال الحافظ في الفتح (8/ 634): " وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ مُنَافِقًا لِكَوْنِهِ أَبْطَنَ خِلاف مَا أَظْهَرَ , وَعُذْر حَاطِب مَا ذَكَرَهُ , فَإِنَّهُ صَنَعَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلاً أَنْ لا ضَرَر فِيهِ "، ويؤكد ذلك لفظ الخطاب - إن صح - فقد قال الحافظ في الفتح (4274): " وَذَكَرَ بَعْض أَهْل الْمَغَازِي وَهُوَ فِي " تَفْسِير يَحْيَى بْن سَلام" أَنَّ لَفْظ الْكِتَاب: " أَمَّا بَعْد يَا مَعْشَر قُرَيْش فَإِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير