تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - أن يكون التغيير ناتجا عن التدخل الخارجي عن جسم الإنسان، فإذا كان التغيير ناتجا عن أجهزة الجسم عن طريق تنشيط بعض الغدد أو تحفيزها، باستخدام بعض الأدوية التي تساعد بعض أجهزة الجسم أو خلاياه على القيام بوظائفها المعتادة على النحو المعروف، فإن التغيير الناتج عن عمل هذه الأجهزة أو الخلايا أو الغدد بعد تنشيطها لتؤدي وظائفها المعهودة فإن هذا لا يعد داخلا في التغيير المنهي عنه، كمن ولد أصلع مثلا وبعد الفحص تبين أن الغدد المسئولة عن تكوين الشعر لا تعمل، وأنها مصابة أو أنها في حالة كسل، ثم تناول الإنسان أدوية تجعلها تنشط وتقوم بعملها المعتاد ثم تكون الشعر بناء على ذلك، فالذي يظهر أن هذا ليس من التغيير المنهي عنه والله تعالى أعلم، وأما القيام بعملية زرع الشعر مثلا كأن يؤتى بشعر خارجي من إنسان آخر ثم يزرع في هذا الإنسان فالذي يظهر أنه من الوصل الممنوع بل هو أشد منه، ومن خلال هذه الضوابط المذكورة نستطيع أن نتعرف على حكم أنواع التغييرات المختلفة فمثلا حلق العانة تغيير حقيقي لكن جاءت النصوص بمشروعيته فلا يدخل في التغيير المنهي عنه، والعدسات اللاصقة بغرض الحسن والجمال تغيير ظاهري لكنه كالحقيقي من حيث التباس أمره على الناظر إليه فهو ممنوع مثل الوصل، والعمليات الجراحية التي يتم عن طريقها تحويل جنس الإنسان من ذكر إلى أنثى أو العكس فإنه تغيير حقيقي ولم يأت نص بمشروعيته فهو داخل في التغيير الممنوع، ومن ذلك الممنوع أيضا قشر الوجه وهو معالجته بالغمرة حتى ينسحق أعلى الجلد ويبدو ما تحته من البَشْرَة طلبا للنضارة وجمال المنظر، لأنه من تغيير خلق الله المنهي عنه، وقد جاءت أحاديث فيها لعن القاشرة وهي وإن كانت كما قال أهل الحديث لا تخلو أسانيدها من مقال لكنها يبقى فيها مع ذلك تغيير خلق الله وهو محرم لا يجوز، والقشر من جملة النمص لأنه إزالة الشعر من الوجه، ومن القشر الحف، قال ابن منظور: "والمرأة تحف وجهها حَفا وحِفَافا: تزيل عنه الشعر بالمُوسَى وتقشُِره مشتق من ذلك، واحتَفَّت المرأة وأحفت وهي تحتف: تأمر من يحف شعر وجهها نتفا بخيطين وهو من القشر" ومن هنا يتبين أن الحف كما يكون بالموسى فإنه يكون بنتف الشعر باستخدام خيطين على ما هو معروف عند من يقوم بذلك، ومن هنا يتبين أيضا أن الحف والقشر من النمص، وأن المراد بالنمص هو إزالة شعر الوجه سواء كان بنتف الشعر أو حلقه، وليس المراد بالنمص ما كان نتفا فقط (أي إزالة الشعر بالمنقاش أو الخيط)، وممن رأى الحلق من النمص وأن النمص لا يختص بالنتف عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه راوي الحديث فقد أخرج الهيثم بن كليب في مسنده-كما ذكر الشيخ الألباني-في رواية له عن قبيصة بن جابر قال:" كنا نشارك المرأة في السورة من القرآن نتعلمها فانطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود (في بيته) في ثلاثة نفر، فرأى جبينها يبرق فقال: أتحلقينه؟ فغضبت، وقالت: التي تحلق جبينها امرأتك، قال: فادخلي عليها فإن كانت تفعله فهي مني بريئة، فانطلقت، ثم جاءت فقالت: لا والله ما رايتها تفعله ... "الحديث قال الألباني: "أنكر ابن مسعود حلق الجبين واحتج بالحديث كما تقدم فدل على أنه لا فرق بين الحلق والنتف من حيث أن كلا منهما تغيير لخلق الله، وفيه دليل أيضا على أن النتف ليس خاصا بالحاجب كما زعم بعضهم فتأمل" وقد رأى بعض أهل العلم جواز النمص للمرأة المزوجة إذا كان ذلك بطلب الزوج أو بإذنه وعللوا ذلك بخلوه من التدليس وهذا القول ليس بصحيح بل هو مصادم للنصوص الصريحة القاضية بلعن النامصة والمتنمصة وطلب الزوج من زوجته فعل الحرام لا يقلب الحرام حلالا، ولا تجب طاعته في ذلك إن هو أمرها به بل يجب عليها معصيته في ذلك وطاعة الله ورسوله، إذ لا طاعة لأحد في معصية الله تعالى أو رسوله ?، وأما إذن الزوج في ذلك فإن الزوج لا يملك الإذن لأن التحريم لم يكن من عنده حتى يكون منه الإذن، وإنما الأمر في ذلك للشرع، وأما تعليل القائلين بالجواز بأن ليس في ذلك تدليس فهو تعليل غير مقبول لأن هذه العلة لم يدل عليها الحديث ولم يجعلها العلة المانعة من التغيير حتى يقال إذا انتفت العلة انتفى الحكم المعلق بها، وإنما العلة في المنع والتحريم هي ما جاءت في الحديث نصا "المغيرات خلق الله" فعلة المنع والتحريم تغيير خلق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير