الله، وهذه العلة باقية مع طلب الزوج أو إذنه، وعلى ذلك فإن حكم التحريم يبقى أيضا مع طلب الزوج أو إذنه، بل ينبغي لمن كانت تحته امرأة تفعل شيئا من هذه المنكرات أن يعظها وينهاها عن ذلك فإن أصرت عاقبها عقابا يليق بذلك حتى ترجع، فإن أصرت وأبت فينبغي له أن يطلقها ولا يمسكها مع ارتكابها لتلك المنكرات وإصرارها عليها، فإن هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد ثبت هذا من فقه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ففي رواية مسلم لحديث الباب "لعن الله الواشمات والمستوشمات ... "قال: فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب، وكانت تقرأ القرآن، فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك، أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، فقال عبد الله: ومالي لا ألعن من لعن رسول الله ?؟ وهو في كتاب الله، فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته، فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله عز وجل {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} (الحشر:7). فقالت المرأة: فإني أرى شيئا من هذا على امرأتك الآن، قال: اذهبي فانظري قال: فدخلت على امرأة عبد الله فلم تر شيئا، فجاءت إليه فقالت: ما رأيت شيئا، فقال: أما لو كان ذلك لم نجامعها قال النووي رحمه الله:"قوله: لو كان ذلك لم نجامعها، قال جماهير العلماء معناه: لم نصاحبها ولم نجتمع نحن وهي بل كنا نطلقها ونفارقها، قال القاضي: ويحتمل أن معناه: لم أطأها، وهذا ضعيف، والصحيح ما سبق، فيحتج به في أن من عنده امرأة مرتكبة معصية كالوصل أو ترك الصلاة أو غيرهما ينبغي له أن يطلقها والله أعلم" فعلى النساء أن تتقي الله تبارك وتعالى وتحذر عقابه ونعمته ولا تعرض نفسها لسخطه وعذابه من أجل زينة تفعلها، فإنها إن كانت تفعل تلك الزينة لزوجها لتزيد من محبته لها فإن الله لقادر قادر على أن يعاملها بنقيض قصدها فيصرف عنها زوجها فلا يرغب فيها بل يزهد فيها، وأما إن كانت تصنع ذلك التجمل لغير زوجها فهذا أشد في القبح.
عمليات التجميل:
الجمال مطلب مشروع للرجال والنساء على السواء وليس في ذلك ما يعاب أو يذم عليه الإنسان، وقد قال رسول الله ?: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال رجل متسائلا: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة؟، فقال الرسول ?: إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس" وإذا كان الجمال والحرص عليه مقصد مشروع طلبه، فما حكم العمليات التي تجري للتجميل أو لتجميل عضو من الأعضاء؟
والجواب: أن هذا العضو الذي يراد تجميله: إما يكون خلق على تلك الحالة التي يراد تغييرها، وإما أن يكون الشيء المراد تغييره طارئاً عليه بعد إن لم يكن.
ففي الحالة الأولى:إن كان العضو بهذا الشكل قائما بالمهمة التي أنيطت به على الوجه المعتاد ,كان تجميله للحسن, ودخل تحت حكم منع تغيير الله طلبا ًللحسن.
وإن كان العضو غير قائم بمهمته على الوجه المعتاد وأن الذي أعاقه عن ذلك هو ذلك الشكل الذي هو به ,وكانت العملية تعيده إلى حالته المعتادة أو قريباً منها, كان هذا من قبيل التغيير لداء وهو جائز على ما تقدم تقريره، وإن حدث من ضمنه تجميل ظاهري إذ ليس هو المقصود بالعملية وإنما المقصود قيام العضو بوظيفته المعتادة فإن حدث تجميل من وراء ذلك فهو بالتبع وليس بالقصد.
وأما الحالة الثانية:فإن حدث للعضو حادث ككسر أو حرق أو ما شابه ذلك فأجريت له العملية لمحاولة إزالة ما طرأ على العضو بفعل المخلوق لم يكن ذلك تغييرا لخلق الله منهيا عنه والله أعلم.
فوائد وأحكام دلَّ عليها الحديث:
وقد دل الحديث على كثير من الفوائد والأحكام فمن ذلك:
1. تحريم فعل ما ذكر في الحديث من الوشم والنمص وغيره.
2. لعن من يفعل تلك المعاصي.
3. تحريم تغيير خلق الله.
4. تحريم الإعانة أو المساعدة على المعصية وأن المساعد في المعصية يشارك فاعلها في الإثم والعقاب.
5. لا يجوز للمسلم فعل المحرمات سواء فعلها بنفسه أو بغيره.
6. جواز لعن المسلم غير المعين إذا أتى ما يستوجب ذلك.
7. جواز نسبة ما يدل عليه الاستنباط إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله ? كما جاز نسبة لعن الواشمة إلى كتاب الله تعالى لعموم قوله تعالى:"وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" مع ثبوت اللعن من قوله ? فقط، كذلك يجوز أن يقول القائل: لعن الله من غير منار الأرض هو في كتاب الله، استنادا إلى قوله ?: "لعن الله من غير منار الأرض"،وهكذا
8. لا حرج على المسلم ولا لوم في لَعْنه من لَعَنَه رسول الله ?.
9. فضل عبد الله بن مسعود ? والتزامه بالشرع واحتجاجه على كلامه بالكتاب والسنة.
10. كسب النامصة والواشمة وصانعة الفلج ومن ذكرن في هذا الحديث حرام، فإن عملا كانت لعنتهن بسببه لا يحل التكسب منه
ـ[أحمد العنزي]ــــــــ[20 - 12 - 05, 01:10 م]ـ
للرفع .. رغبةً في الاستفادة منكم
¥