تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فموضوع الحديث كله يدور حول الدعاء , كما يتضح للقاريء الكريم بهذا الشرح الموجز , فلا علاقة للحديث بالتوسل المبتدع , ولهذا أنكره الإمام أبوحنيفة , فقال: (أكره أن يسأل الله إلا بالله) كما في "الدر المختار" , وغيره من كتب الحنفية.

وأما قول الكوثري في " مقالاته ": (وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكورة في أوائل تاريخ الخطيب بسند صحيح).

فمن مبالغاته , بل مغالطاته , فإنه يشير بذلك إلى ما أخرجه الخطيب من طريق عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال: نبأنا علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: (إني لأتبرك بأني حنيفة , وأجيء إلى قبره في كل يوم – يعني زائراً – فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين , وجئت إلى قبره , وسألت الله تعالى الحاجة عنده , فما تبعد عني حتى تقتضى) , فهذه رواية ضعيفة , بل باطلة.

وقد ذكر شيخ الإسلام في " اقتضاء الصراط المستقيم" معنى هذه الرواية , ثم أثبت بطلانه فقال: (رحمه الله فأجاب أو كلاما هذا معناه وهذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له أدنى معرفة بالنقل فإن الشافعي لما قدم ببغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة بل ولم يكن هذا على عهد االشافعي معروفا وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عند قبر أبي حنيفة ثم أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن

ابن زياد وطبقتهم لم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند قبر أبي حنيفة ولا غيره ثم قد تقدم عن الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور الصالحين خشية الفتنة بها وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه وإما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعر).

وأما القسم الثاني من أحاديث التوسل , فهي أحاديث ضعيفة و تدل بظاهرها على التوسل المبتدع , فيحسن بهذه المناسبة التحذير منها , والتنبيه عليها فمنها:

23 - (الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت, اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها, بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين) حديث ضعيف.

ومن الأحاديث الضعيفة في التوسل , الحديث الآتي:

24 - (مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَخَرَجْتُ اتِّقَاءَ سُخْطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُعِيذَنِي مِنْ النَّارِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفِ مَلَكٍ) حديث ضعيف.

ومن الأحاديث الضعيفة , بل الموضوعة في التوسل:

25 - (لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك) موضوع.

من قال بشهادتين ولم يفهم معناهما أو فهم ولكنه أخل بهما عملياً لم تنفعه

94 - (عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة , عليهن أسس الإسلام , من ترك واحدة منهن , فهو بها كافر حلال الدم: شهادة أن لا إله إلا الله , والصلاة المكتوبة , وصوم رمضان) حديث ضعيف.

هذا الحديث مخالف للحديث المتفق على صحته: (بني الإسلام على خمس .... ) الحديث , وذلك من وجهين:

الأول: أن هذا جعل أسس الإسلام خمسة , وذاك صيرها ثلاثة.

الآخر: أن هذا لم يقطع بكفر من ترك شيئاً من الأسس , بينما ذاك يقول: (من ترك واحدة منهن فهو كافر) , وفي رواية سعيد بن حماد: (فهو بالله كافر).

ولا أعتقد أن أحداً من العلماء المعتبرين يكفر من ترك صوم رمضان مثلاً غير مستحل له , خلافاً لما يفيده ظاهر الحديث , فهذا دليل عملي من الأمة على ضعف هذا الحديث , والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير