الْفِقْهَ أَوْ الْعِلْمَ وَيُعَلِّمُونَ الْجَاهِلَ فَهُمْ أَفْضَلُ وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا).
قد اشتهر الاحتجاج بهذا الحديث على مشروعية الذكر على الصورة التي يفعلها بعض أهل الطرق من التحلق والصياح في الذكر , والتمايل يمنة ويسرة , وأماماً وخلفاً مما هو غير مشروع باتفاق الفقهاء المتقدمين , ومع أن الحديث لا يصح , فليس فيه هذا الذي زعموه , بل غاية ما فيه جواز الاجتماع على ذكر الله تعالى , وهذا فيه أحاديث صحيحة في مسلم وغيره تغني عن هذا الحديث , وهي لا تفيد أيضاً إلا مطلق الاجتماع , أما ما يضاف إليه من التحلق , وما قرن معه من الرقص , فكله بدع وضلالات تتنزه الشرع عنها.
الدعاء هو العبادة
21 - (حسبي من سؤالي علمه بحالي) لا أصل له.
قد أورده بعضهم من قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام , وهو من الإسرائيليات , ولا أصل له في المرفوع , وقد ذكره البغوي في تفسير سورة الأنبياء مشيراً لضعفه , فقال:
(روي عن كعب الأحبار أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام .... لما رموا به في المنجنيق إلى النار استقبله جبريل , فقال: يا إبراهيم ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا. قال جبريل: فسل ربك. فقال إبراهيم: حسبي من سؤالي علمه بحالي).
وقد أخذ هذا المعنى من صنف في الحكمة على طريقة الصوفية , فقال: (سؤالك منه – يعني الله تعالى – اتهام له).
وهذه ضلالة كبري , فهل الأنبياء طلوات الله عليهم متهمين لربهم حين سألوه مختلف الأسئلة؟ فهذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام يقول: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) إبراهيم 37 - 41 , إلى آخر الآيات , وكلها أدعية , وأدعية الأنبياء في الكتاب والسنة لا تكاد تحصى , والقائل المشار إليه قد غفل عن كون الدعاء الذي هو تضرع والتجاء إلى الله تعالى عبادة عظيمة , وبغض النظر عن ماهية الحاجة المسؤةلة , ولهذا قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الدعاء هو العبادة) صحيح.
ثم تلا قوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين) غافر60.
ذلك لأن الدعاء يطهر عبودية العبد لربه , وحاجته إليه , ومسكنته بين يديه , فمن رغب عن دعائه , فكأنه رغب عن عبادته سبحانه وتعالى , فلا جرم جاءت الأحاديث متضافرة في الأمر به , والحض عليه , حتى قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من لا يدع الله , يغضب عليه) حديث حسن.
قالت عائشة رضي الله عنها: (سلوا الله كل شيء , حتى الشسع , فإن الله عز وجل , إن لم ييسره لم يتيسر) حسن.
وبالجملة , فهذا الكلام المعزو لإبراهيم عليه الصلاة والسلام لا يصدر من مسلم يعرف منزلة الدعاء في الإسلام , فكيف يصدر ممن سمانا المسلمين؟
ثم وجدت الحديث قد أورده ابن عراق في "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشبيعة الموضوعة " وقال: (قال ابن تيمية:موضوع).
أسعد الناس بهذا الحديث المكذوب هم أولئك الأكلة الر قصة
115 - (أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة , ولا تناموا عليه , فتقسوا قلوبكم) موضوع.
اعلم أن أسعد الناس بهذا الحديث المكذوب هم أولئك الأكلة الر قصة الذين يملؤون بطونهم بمختلف الطعام والشراب , ثم يقومون آخذاً بعضهم بيد بعض يذكرون الله تعالى –رعموا- يميلون يمنة ويسرة وأماماً وخلفاً , وينشدون الأشعار الجميلة بالأصوات المطربة , حتى يذوب ما في بطونهم , ومع ذلك فهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً , وصدق من قال:
متى علم الناس في ديننا بأن الغنا سنة تتبع
وأن يأكل المرء أكل الحما ر ويرقص في الجمع حتى يقع
وقالوا: سكرنا بحب الإلـ ـه وما أسكر القوم إلا القصع
كذاك البهائم إن أشبعت يرقصها ريها والشبع
فيا للعقول وياللنهى ألا منكر منكم للبدع
تهان مساجدنا بالسما ع وتكرم عن مثل ذاك البيع
الحسنة لا يمكن أن تصير سيئة أبداً
100 - (حسنات الأبرار سيئات المقربين) باطل لا أصل له.
¥