تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأول: أن أحد أهل العلم وهو الشيخ محمد طاهر الفتني الهندي أورده في كتابه (تذكرة الموضوعات) (12) , وقال فيه (مضطرب الإسناد) , ولا أدري ما وجه ذلك؟ فالحديث صحيح , ولا اضطراب فيه , إلا أن يكون اشتبه عليه بحديث آخر مضطرب , أو عنى طريقاً أخرى من طرقه , ثم لم يتتبع هذه الطرق الصحيحة له , والله أعلم.

والثاني: أن كثيراً من الناس يتوهمون أن هذه الأحاديث – ونحوها أحاديث كثيرة – تفيد أن الإنسان مجبور على أعماله الاختيارية , ما دام أنه حكم عليه منذ القديم وقبل أن يخلق: بالجنة أو النار.

وقد يتوهم آخرون أن الأمر فوضى أو حظ , فمن وقع في القبضة اليمنى , كان من أهل السعادة , ومن كان من القبضة الأخرى , كان من أهل الشقاوة.

فيجب أن يعلم جميعاً أن الله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) الشورى 11 , لا في ذاته , ولا في صفاته , فإذا قبض قبضة , فهي بعلمه وعدله وحكمته , فهو تعالى قبض باليمنى على من علم أنه سيطيعه حين يؤمر بطاعته , وقبض بالأخرى على من سبق في علمه تعالى أنه سيعصيه حين يؤمر بطاعته , ويستحيل على عدل الله تعالى أن يقبض باليمنى على من هو مستحق أن يكون من أهل القبضة الأخرى , والعكس بالعكس , كيف والله عز وجل يقول (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) القلم 35 - 36.

ثم إن كلاً من القبضتين ليس فيها إجبار لأصحابهما أن يكونوا من أهل الجنة أو من أهل النار , بل هو حكم من الله تبارك وتعالى عليهم بما سيصدر منهم , من إيمان يستلزم الجنة , أو كفر يقتضي النار والعياذ بالله تعالى منها , وكل من الإيمان أو الكفر أمران اختياريان , لا يكره الله تبارك وتعالى أحداً من خلقه على واحد منهما (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف 29 , وهذا مشاهد معلوم بالضرورة , ولولا ذلك , لكان الثواب والعقاب عبثاً , والله منزه عن ذلك.

ومن المؤسف حقاً أن نسمع من كثير من الناس – حتى من بعض المشايخ – التصريح بأن الإنسان مجبور لا إرادة له , وبذلك يلزمون أنفسهم القول بأن الله يجوز له أن يظلم الناس , مع تصريحه تعالى بأنه لا يظلمهم مثقال ذرة , وإعلانه بأنه قادر على الظلم , ولكنه نزه نفسه عنه , كما في الحديث القدسي المشهور (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي .. ) , وإذا جوبهوا بهذه الحقيقة , بادروا إلى الاحتجاج بقوله تعالى (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) الأنبياء 23 , مصرين بذلك على أن الله تعالى قد يظلم , ولكنه لا يسأل عن ذلك تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.

وفاتهم أن الآية حجة عليهم ,لأن المراد بها – كما حققه العلامة ابن القيم في (شفاء العليل) وغيره- أن الله تعالى لحكمته وعدله في حكمه ليس لأحد أن يسأله عما يفعل , لأن كل أحكامه تعالى عدل واضح , فلا داعي للسؤال.

وللشيخ يوسف الدجوي رسالة مفيدة في تفسير هذه الآية , لعله أخذ مادتها من كتاب ابن القيم المشار إليه آنفاً , فليراجع.

هذه كلمة سريعة حول الأحاديث المتقدمة , حاولنا فيها إزالة شبهة بعض الناس حولها , فإن وفقت لذلك , فبها ونعمت , وإلا أحيل القارئ إلى المطولات في هذا البحث الخطير , مثل كتاب ابن القيم السابق , وكتب شيخه ابن تيمية الشاملة لمواضيع هامة هذا أحدها.

لا خير في العرب ولا في العجم إلا بالإسلام

51 - (أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ الْعَرَبِ و الْعُجْمِ أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامَ ثُمَّ تَقَعُ الْفِتَنُ كَأَنَّهَا الظُّلَلُ).

رواه أحمد , والحاكم , والبيهقي , وابن الأعرابي , وقال الحاكم: صحيح وليس له علة , وأقره الذهبي , وهو كما قالا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير