تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

247 – (إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ حَسَنَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا وَمُحِيَتْ عَنْهُ كُلُّ سَيِّئَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا).

قال الحافظ في الفتح:

(وقد ثبت في جميع الروايات ما سقط من رواية البخاري وهو كتابة الحسنات المتقدمة قبل الإسلام , وقوله " كتب الله " أي أمر أن بكتب , وللدارقطني من طريق زيد بن شعيب عن مالك بلفظ " يقول الله لملائكته اكتبوا " فقيل إن المصنف أسقط ما رواه غيره عمدا لأنه مشكل على القواعد وقال المازري: الكافر ليس كذلك , فلا يثاب على العمل الصالح الصادر منه في شركه , لأن من شرط المتقرب أن يكون عارفا لمن يتقرب إليه والكافر ليس كذلك. وتابعه القاضي عياض على تقرير هذا الإشكال , واستضعف ذلك النووي فقال: الصواب الذي عليه المحققون - بل نقل بعضهم فيه الإجماع - أن الكافر إذا فعل أفعالا جميلة كالصدقة وصلة الرحم ثم أسلم ثم مات على الإسلام أن ثواب ذلك يكتب له , وأما دعوى أنه مخالف للقواعد فغير مسلم لأنه قد يعتد ببعض أفعال الكافر في الدنيا ككفارة الظهار فإنه لا يلزمه إعادتها إذا أسلم وتجزئه انتهى).

ثم قال الحافظ: (والحق أنه لا يلزم من كتابة الثواب للمسلم في حال إسلامه تفضلا من الله وإحسانا أن يكون ذلك لكون عمله الصادر منه في الكفر مقبولا , والحديث إنما تضمن كتابة الثواب ولم يتعرض للقبول , ويحتمل أن يكون القبول يصير معلقا على إسلامه فيقبل ويثاب إن أسلم وإلا فلا , وهذا قوي , وقد جزم بما جزم به النووي إبراهيم الحربي وابن بطال وغيرهما من القدماء والقرطبي وابن المنير من المتأخرين , قال ابن المنير: المخالف للقواعد دعوى أن يكتب له ذلك في حال كفره , وأما أن الله يضيف إلى حسناته في الإسلام ثواب ما كان صدر منه مما كان يظنه خيرا فلا مانع منه كما لو تفضل عليه ابتداء من غير عمل , وكما يتفضل على العاجز بثواب ما كان يعمل وهو قادر , فإذا جاز أن يكتب له ثواب ما لم يعمل البتة جاز أن يكتب له ثواب ما عمله غير موفي الشروط واستدل غيره بأن من آمن من أهل الكتاب يؤتى أجره مرتين كما دل عليه القرآن والحديث الصحيح , وهو لو مات على إيمانه الأول لم ينفعه شيء من عمله الصالح , بل يكون هباء منثورا. فدل على أن ثواب عمله الأول يكتب له مضافا إلى عمله الثاني , وبقوله صلى الله عليه وسلم لما سألته عائشة عن ابن جدعان: وما كان يصنعه من الخير هل ينفعه؟ فقال " إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " فدل على أنه لو قالها بعد أن أسلم نفعه ما عمله في الكفر).

قلت: وهذا هو الصواب الذي لا يجوز القول بخلافه , لتضافر الأحاديث على ذلك ولهذا قال السندي رحمه الله في حاشيته على النسائي: (وهذا الحديث يدل على أن حسنات الكافر موقوفة إن أسلم تقبل وإلا ترد وعلى هذا فنحو قوله تعالى (والذين كفروا أعمالهم كسراب) النور 29 , محمول على من مات على الكفر والظاهر أنه لا دليل على خلافه وفضل الله أوسع من هذا وأكثر فلا استبعاد فيه وحديث الإيمان يجب ما قبله من الخطايا في السيئات لا في الحسنات).

قلت: ومثل الآية التي ذكرها السندي رحمه الله سائر الآيات الواردة في إحباط العمل بالشرك , كقوله تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) الزمر 65 , فإنها كلها محمولة على من مات مشركاً , ومن الدليل على ذلك قوله عز وجل: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة217.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير