تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(فائدة): لما كان ((السلام)) اسماً من أسماء الله تعالى- كما سيأتي في الحديث (1894) - كره النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكره إلا على طهارة، فدل ذلك على أن تلاوة القرآن بغير طهارة مكروه من باب أولى، فلا ينبغي إطلاق القول بجواز قراءته للمحدث؛ كما يفعل بعض إخواننا من أهل الحديث.

كتاب الصلاة

سنة متروكة يجب إحياؤها

استفاضت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بإقامة الصفوف وتسويتها , بحيث يندر أن تخفى على أحد من طلاب العلم فضلاً عن الشيوخ , ولكن ربما يخفى على الكثيرين منهم أن إقامة الصف تسويته بالأقدام , وليس فقط بالمناكب , بل لقد سمعنا مراراً من بعض أئمة المساجد – حين يأمرون بالتسوية – التنبيه على أن السنة فيها إنما هي بالمناكب فقط دون الأقدام , ولما كان ذلك خلاف الثابت في السنة الصحيحة , رأيت أنه لا بد من ذكر ماورد من الحديث , تذكيراً لمن أراد أن يعمل بما صح من السنة , غير مغتر بالعادات والتقاليد الفاشية في الأمة.

فأقول: لقد صح في ذلك حديثان:

الأول: من حديث أنس.

والآخر: من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما.

أما حديث أنس فهو:

31 - (أَقِيمُوا صُفُوفَكُم ْ وتراصوا فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي).

رواه البخاري ,وأحمد من طرق عن حميد الطويل: ثنا أنس بن مالك قال: (أقيمت الصلاة , فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه , فقال: (فذكره).

زاد البخاري في رواية: (قبل أن يكبر) , وزاد أيضا في آخره: (وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه , وقدمه بقدمه).

وهي عند المخلص , وكذا ابن ابي شيبة بلفظ: (قال أنس: فلقد رأيت احدنا يلصق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه , فلو ذهبت تفعل هذا اليوم , لنفر أحدكم كأنه بغل شموس).

وترجم البخاري لهذا الحديث بقوله (باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف).

وأما حديث النعمان فهو:

32 - (أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ [ثَلَاثًا] وَاللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ).

وفي هذين الحديثين فوائد هامة:

الأولى: وجوب إقامة الصفوف وتسويتها والتراص فيها , للأمر بذلك , والأصل فيه الوجوب , إلا لقرينة , كما هو مقرر في الأصول , والقرينة هنا تؤكد الوجوب , وهو قوله صلى الله عليه وسلم (أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) , فإن مثل هذا التهديد لا يقال فيما ليس بواجب , كما لا يخفى.

الثانية: أن التسوية المذكورة إنما تكون بلصق المنكب بالمنكب , وحافة القدم بالقدم , لأن هذا هو الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم حين أمروا بإقامة الصفوف , والتراص فيها , ولهذا قال الحافظ في (الفتح) بعد أن ساق الزيادة التي أوردتها في الحديث الأول من قول أنس:

(وأفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم , وبهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف وتسويته).

ومن المؤسف أن هذه السنة من التسوية قد تهاون بها المسلمون , بل أضاعوها , إلا القليل منهم , فإني لم أرها عند طائفة منهم إلا أهل الحديث , فإني رأيتهم في مكة سنة (1368هـ) حريصين على التمسك بها كغيرها من سنن المصطفى عليه الصلاة والسلام , بخلاف غيرهم من أتباع المذاهب الأربعة – لا أستثني منهم حتى الحنابلة – فقد صارت هذه السنة عندهم نسياً منسياً , بل إنهم تتابعوا على هجرها والإعراض عنها , ذلك لأن أكثر مذاهبهم نصت على أن السنة في القيام التفريج بين القدمين بقدر أربع أصابع , فإن زاد كره , كما جاء مفصلاً في (الفقه على المذاهب الأربعة) (1\ 207) , والتقدير المذكور لا أصل له في السنة , وإنما هو مجرد رأي , ولو صح لوجب تقييده بالإمام والمنفرد حتى لا يعارض به هذه السنة الصحيحة , كما تقتضيه القواعد الأصولية.

وخلاصة القول: إنني أهيب بالمسلمين – وبخاصة أئمة المساجد – الحريصين على اتباعه صلى الله عليه وسلم , واكتساب فضلية إحياء سنته صلى الله عليه وسلم , أن يعملوا بهذه السنة , ويحرصوا عليها , ويدعوا الناس إليها , حتى يجتمعوا عليها جميعاً , وبذلك ينجون من تهديد: (أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ).

وأزيد في هذه الطبعة فأقول:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير