((دخل يهودي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السام عليك يا محمد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:وعليك. فقالت عائشة:فهممت أن أتكلم، فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك،فسكت. ثم دخل آخر فقال: السام عليك. فهممت أن أتكلم،فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك،ثم دخل الثالث فقال.السام عليك.فلم أصبر حتى قلت: وعليك السام وغضب الله ولعنته إخوان القردة والخنازير أتحيون رسول الله بما لم يحيه الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أن الله لا يحب الفحش ولا التفحش، قالوا قولاً فرددنا عليهم، أن اليهود ... )). ورواه ابونعيم أيضا مختصراً عن انس، وهو الآتي بعده.
قلت: وهذا إسناد صحيح، ورجاله كلهم ثقات رجال ((الصحيح))،و ابوبشر الو اسطي اسمه إسحاق بن شاهين،وهو من شيوخ البخاري.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/ 281) من طريق حماد بن سلمة: ثنا سهيل بن أبي صالح به مقتصراً على الجملة المذكورة أعلاه بنحوه. وقال البوصيري في ((الزوائد)):
((هذا إسناد صحيح، احتج مسلم بجميع رواته)).
وللحديث طريق آخى يرويه حصين بن عبدالرحمن عن عمرو بن قيس عن محمد بن الأشعث عن عائشة قالت:
((بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ استأذن رجل من اليهود ... )) الحديث بتمامه نحوه وأتم منه: إلا انه لم يذكر الحسد على السلام، ولفظه:
((لا يحسدوننا على شئ كما يحسدوننا على يوم الجمعة التي هدانا الله وضلوا عنها، وعلى القبلة لتي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين)).
أخرجه البخاري في ((التاريخ)) (1/ 1/22)، والبيهقي (2/ 56)،واحمد (6/ 134 - 135).
وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال مسلم، غير محمد بن الأشعث، وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه جماعة، وهو تابعي كبير.
وتابعه مجاهد عن محمد بن الأشعث به مختصراً نحو حديث الترجمة.
أخرجه البخاري والبيهقي.
وللترجمة شاهد من حديث أنس بلفظ:
692 - (إن اليهود ليحسدونكم على السلام والتأمين).
أخرجه أبو نعيم في ((أحاديث مشايخ أبي القاسم الأصم)) (35/ 1)، والخطيب في ((التاريخ)) (11/ 43)، والضياء المقدسي في ((المختارة)) (ق45/ 1) من طريق إبراهيم بن إسحاق الحربي: حدثنا أبو ظفر: حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال المقدسي:
((أبو ظفر اسمه عبدا لسلام بن مطهر بن حسام بن مصك بن ظالم بن شيطان الأزدي البصري، روى عنه البخاري وأبو داود)).
قلت: وبقية رجال الإسناد ثقات، فهو صحيح.
فائدة: في هذا الحديث والذي قبله إشارة قوية إلي سنية جهر المقتدين بـ ((آمين)) وراء الإمام، لأن الجهر به هو الذي يثير حفيظة اليهود ويحملهم على الحسد، كالجهر بالسلام، كما هو ظاهر. فتأمل.
الفجر فجران
693 - (الفجر فجران فجر يحرم فيه الطعام وتحل فيه الصلاة وفجر تحرم فيه الصلاة ويحل فيه الطعام).
أخرجه ابن خزيمة في (صحيحه)) (1/ 52/2)،وعنه الحاكم (1/ 425)، والبيهقي (1/ 377و457و4/ 216) من طريق أبي احمد الزبيري: ثنا سفيان عن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال بن خزيمة:
(("لم" يرفعه في الدنيا غير أبي احمد الزبيري)).
وقال الحاكم:
((صحيح الإسناد))،ووافقه الذهبي، وأعله البيهقي بأن غير أبي الزبير رواه عن سفيان الثوري موقوفا، وقال:
((والموقوف أصح)).
قلت: لأن أبا أحمد الزبيري-واسمه محمد بن عبدالله بن الزبير-مع كونه ثقة ثبتاً، فقد نسبوه إلي الخطأ في روايته عن الثوري، لكن للحديث شواهد كثيرة تدل على صحته، منها عن جابر عند الحاكم (1/ 191) والبيهقي، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، ومنها عن عبدالرحمن بن عائش وسيأتي برقم (2002).
من فقه الحديث: قال ابن خزيمة:
((في هذا الخبر دلالة على أن الصلاة الفرض لا يجوز أداؤها قبل دخول وقتها)).
قال:
(("فجر يحرم فيه الطعام":يريد على الصائم. (ويحل فيه الصلاة): يريد صلاة الصبح. (وفجر يحرم فيه الصلاة):يريد صلاة الصبح، إذا طلع الفجر الأول يكون بالليل، ولم يرد أنه لا يجوز أن يتطوع بالصلاة بعد الفجر الأول. وقوله: (ويحل فيه الطعام):يريد لمن يريد الصيام)).
قلت: ومن تراجم البيهقي لهذا الحديث قوله ((باب إعادة صلاة من افتتحها قبل طلوع الفجر الآخر)).
¥