تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخرجه أبو داود , وأحمد: من طريقين عن سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ الْقُرَشِيَّ - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مرفوعاً.

ثم أخرجه أحمد , والنسائي , والطيالسي , والشافعي , والطحاوي , و البيهقي , وأبو يعلى من طريق أخرى عن سعد بن إبراهيم به بلفظ: (أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقَبِّلَنِي فَقُلْتُ إِنِّي صَائِمَةٌ فَقَالَ وَأَنَا صَائِمٌ ثُمَّ قَبَّلَنِي).

وفي هذا الحديث رد للحديث الذي رواه محمد بن الأشعث عن عائشة قالت: (كان لا يمس من وجهي شيئاً وأنا صائمة) , وإسناده ضعيف.

وحديث الباب يدل على جواز تقبيل الصائم لزوجته في رمضان , وقد اختلف العلماء في ذلك على أكثر من أربعة أقوال ’ أرجحها الجواز , على أن يراعى حال المقبل , بحيث إنه إذا كان شاباً يخشى على نفسه أن يقع في الجماع الذي يفسد عليه صومه , امتنع من ذلك , وإلى هذا أشارت السيدة عائشة رضي الله عنها في الرواية الآتية عنها ( .. وأيكم يملك إربه) , بل قد روي ذلك عنها صريحاً , فقد أخرج الطحاوي عنها قالت (ربما قبلني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وباشرني وهو صائم , أما أنتم , فلا بأس به للشيخ الكبير الضعيف) , ويؤيده قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (دع ما يريبك إلى مالا يريبك).

ولكن ينبغي أن يعلم أن ذكر الشيخ ليس على سبيل التحديد , بل المراد التمثيل بما هو الغالب على الشيوخ من ضعف الشهوة وإلا , فالضابط في ذلك قوة الشهوة وضعفها , أو ضعف الإرادة وقوتها.

وعلى هذا التفصيل تحمل الروايات المختلفة عن عائشة رضي الله عنها , فإن بعضها صريح عنها في الجواز مطلقاً , كحديثها هذا , لا سيما وقد خرج جواباً على سؤال عمرو بن ميمون لها في بعض الروايات , وقالت (لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) , الأحزاب 21 , وبعضها يدل على الجواز حتى للشاب , لقولها: (وأنا صائمة) , فقد توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعمرها 18 سنة.

ومثله ما حدثت به عائشة بنت طلحة أنها كانت عند عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدخل عليها زوجها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق , وهو صائم , فقالت له عائشة: ما منعك أن تدنو من أهلك فتقبلها وتلاعبها؟ فقال: أقبلها وأنا صائم؟ قالت: نعم، أخرجه مالك وعنه الطحاوي , بسند صحيح.

قال ابن حزم: (عائشة بنت طلحة كانت أجمل نساء أهل زمانها , وكانت أيام عائشة هي وزوجها فتيين في عنفوان الحداثة).

وهذا ومثله محمول على أنها كانت تأمن عليهما , ولهذا قال الحافظ في الفتح بعد أن ذكر هذا الحديث من طريق النسائي: [فقال: وأنا صائم؟ فقبلني]: (وهذا يؤيد ما قدمناه أن النظر في ذلك لمن لا يتاثر بالمباشرة والتقبيل , لا للتفرقة بين الشاب والشيخ , لأن عائشة كانت شابة نعم لما كان الشاب مظنة لهيجان الشهوة , فرق من فرق.

220 - (كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكِانَّ أَمْلَكُكُمْ لِإِرْبِهِ).

ومرادها رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان غالباً لهواه , والإرب: هو بفتح الهمزة أو كسرها , قال ابن الأثير: (وله تأويلان: أحدهما: أنه الحاجة , والثاني: أنه أرد به العضو , وعنت به من الأعضاء الذكر خاصة , وهو كناية عن المجامعة).

قال في المرقاة: (وأما ذكر الذكر , فغير ملائم للأنثى , لا سيما في حضور الرجال) , وراجع تمام البحث فيه.

وفي الحديث فائدة أخرى على الحديث الذي قبله , وهي جواز المباشرة من الصائم وهي شئ زائد على القبلة , وقد اختلفوا في المراد منها هنا فقال القاري: (قيل: هي مس الزوج المرأة فيما دون الفرج , وقيل: هي القبلة واللمس باليد).

قلت: ولا شك أن القبلة ليست مرادة بالمباشرة هنا , لأن الواو تفيد المغايرة , فلم يبق إلا أن يكون المراد بها إما القول الأول أو اللمس باليد , والأول هو الأرجح لأمرين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير