الوجه الاول: من قال بجواز صيام يوم السبت منفردا وذلك لانه يعتبر ان هذا الحديث إما كذب أو منسوخ كشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام مالك وقد تبين بطلان القول فلا نعيده.
الوجه الثاني: من قال بجواز صيام يوم السبت مع يوم قبله أو يوم بعده , وذلك للجمع بين الاحاديث حديث النهى عن صيام يوم السبت مع حديث جواز صيامه.
قال الشيخ الالبانى: (فى تمام المنة): " وتأويل الحديث بالنهى عن صيام السبت منفردا يأباه قوله (إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) فانه كما قال الحافظ شمس الدين ابن القيم رحمه الله فى تهذيب السنن: دليل على المنع من صومه في غير الفرد مفردا أو مضافا , لأن الاستثناء دليل التناول , وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صور صومه , إلا صورة الفرض ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد , لقال: لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوما قبله أو يوما بعده , كما قال في الجمعة. فلما خص الصورة المأذون في صومها بالفرضية علم تناول النهي لما قابلها ".
قال الشيخ الالبانى: وأيضا لو كانت صورة الاقتران غير النهى عنها لكان الاستثناها فى الحديث أول من استثناء الفرض لان شبهة شمول الحديث له ابعد من شموله لصورة الاقتران فإذا استثنا الفرض وحده دل على عدم استثنا غيره كما لا يخفى ".
وقال أيضا (فى سلسلة الحديث الصحيحة): فلا يجوز ان نضيف إليه قيدا أخر خير قيد الفريضة كقول بعضهم: (إلا لمن كان له عادة من صيام أو مفردا) فانه يشبه الاستدراك على الشرع الحكيم ولا يخفى قبحه ". انتهى كلام الشيخ الالبانى رحمه الله تعالى.
قلت: ومما سبق يتضح انه:
عدم جواز صيام يوم السبت منفردا إلا فى الفرض.
عدم جواز صيام يوم السبت مع يوم قبله أو يوم بعده , وعلى هذا لم يبقى إلا حرمة صيام يوم السبت إلا في الاستثناء الذي استثناه الحديث وهو الفرض.
شبهات وردود
وهنا قد يقول قائل:
ماذا لو وافق يوم السبت صيام يوم فضيلة , كيوم عرفة , أو يوم عاشوراء , وأنتم تعلمون فضل صيام هذين اليومين كما ورد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث منها قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ) مسلم , وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ) مسلم , وغيرها من الأحاديث التى تثبت فضلية صيام بعض الأيام التي قد يصادف أن تكون يوم السبت.
نقول: أن الرد على هذا من وجهين:
إن الذي فرض علينا أن لا نصوم يوم السبت , هو الذي استحب لنا صيام بعض هذه الأيام التي ذكرتموها , (وَهُوَ اللّهُ لآ إِلََهَ إِلاّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الاُولَىَ وَالاَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) القصص70.
إنما كان الأمر بإفطار يوم السبت إذا ما وافق صيامه يوم فضيلة بسبب دلاليل شرعي يحتم علينا هذا الأفطار , وليس عن هوى نفس , فإذا كان الأمر كذلك فإن (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه) صححه الألباني , وعليه فإننا نقول إن الله سبحانه وتعالى بكرمه ومنّه سوف أن شاء الله يعوضنا خيراً مما هو مذكور في فضلية صيام الأيام المذكورة سابقاً , وذلك بنص الحديث الشريف: (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه) صححه الألباني.
وقد يقول آخر
لو أن أحداً ما قرر أن يصوم أفضل الصيام , وهو إفطار يوم وصوم يوم , وهو صِيَامُ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما أخبر بذلك الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (َأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ كَانَ َيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا) متفق عليه , فإن هذا الصيام لا يمكن تحقيقه مع ما ذكرتموه من حرمت صيام السبت إلا في الفرض.
نقول إن الرد على هذا السؤال بسؤال وهو:
ماذا لو وافق هذا الشخص الذي ذكرتم صيامه أحد أيام العيد – عيد الفطر , عيد الأضحى – فهل تقولوا بصيامه , أم تقولوا بأنه يجب عليه أن يفطر؟:
فإن قلتم: بصيامه , فهذا باطل من القول لم يقل به أحد , إذ النهى عن صيام يوم العيد من المجمع عليها بين العلماء.
وإن قلتم: أنه يجب عليه أن يفطر.
¥