حقيقة يؤسفني أنك لم تجد في ردي السابق ما يستحق الرد عليه، مع أنني لم أقصر في الرد على كلامك و في انتهاج الطريقة التي تريدها في المباحثة ـ و هي الطريقة الصائبة بلا شك ـ فأين هو ردك على كلامي بخصوص الطحاوي و ابن رشد؟ أليست النقطة الأولى التي نتباحث حولها هي إثبات كون أحد من السلف قال بالحرمة؟
عموماً قد تظن أن كلام الشيخ رحمه الله يثبت أن هناك من السلف من قال بالحرمة فلذلك لا يستطيع أحد أن يدعي الإجماع الذي سأل عنه، و قد تظن أن هذا جواب على سؤالي: من من السلف قال بالحرمة؟ لا بأس إليك الجواب:
قال الشيخ رحمه الله " هل أنتم تدَّعون الإجماع على صيام يوم السبت لأنه كان فيه يوم عرفة أو يوم عاشوراء أو أي يوم فضيلة عادةً؟ "
و أنا أسألك: الإجماع على ماذا؟ على جواز صيام السبت، على استحباب صيام السبت، على كراهة صيامه، على حرمة صيامه، على وجوب صيامه؟!! الإجماع على ماذا؟
و هب أنك اخترت الإجماع على استحباب صومه، فبالله عليك هل سمعت من يقول: أجمعوا على استحباب صوم الثلاثاء أو الأربعاء أو الأحد أو .. أو .. لأنه كان فيه يوم عرفة؟!
أقصى ما هنالك أن يقال: أجمعوا على استحباب صوم عرفة، و لكن هل من قائل بهذا الإجماع؟ لابد من بحث.
إنني و الله أتمنى أن يوجد مثل هذا القول، أتعرف لماذا؟ لأنه لو وجد لكان حجة عليك إلا إذا ذكر قائله: أجمعوا على استحباب صيام عرفة ما لم يكن يوم سبت، و هيهات أن تجد مثل ذلك.
ثم أسألك بعد أن تجيبني: الإجماع على صومه منفرداً أم مع غيره؟
كما ترى أخي الكريم أن هذا السؤال ليس في محله و ليس هو الرد على من طالبك بذكر أحد من السلف قال بالحرمة، بل هو في طياته يحمل أبلغ دلالة على أنك لا تعرف أحداً من السلف قال بالحرمة، فتأمل!
قال الشيخ رحمه الله " ما يستطيعون أن يدَّعوا الإجماع على ذلك، هذا يُريحنا، ويكفينا دفعاً لشبهتهم، لأنَّه هم ما يقولون بالإجماع، فنحن بالأولى أن لا نقول بالإجماع، إذن طلبهم ساقطٌ "
نحن طالبنا بواحد فقط من السلف قال بالحرمة و لم نطالب بإجماع، فهلا أجبتنا أخي الكريم لطلبنا المتواضع؟
على كل حال يبدو أنني مضطر لنقل كلامي من البحث إلى هنا و العجيب أنه موجود في نفس الفقرة التي أحلتك عليها سابقاً أكثر من مرة (الإشكال السادس فهم السلف) فلا أدري بم أفسر ذلك؟
(قال الشيخ: الجواب رقم اثنين أن أحداً من هؤلاء المتعصبين الذين لم يطرأ عليهم الحديث إلا في هذه الآونة الأخيرة {لا تصوموا يوم السبت ... } فوجئوا بهذا الحديث ولسان حالهم وبعضهم قد يكون لسان قالهم ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين، فيبدؤون ويطرحون هذه الإشكالات: أنت تقول أننا لا نعمل بالحديث الذي لم نسبق من أحد إلى العمل به، كيف أنت تقول هكذا [أي كيف تقول بحرمة صوم السبت في غير الفريضة]؟ جوابنا رقم اثنين هل أنتم تدعون الإجماع على صيام يوم السبت لأنه كان فيه يوم عرفة أو يوم عاشوراء أو أي يوم فضيل عادة؟ ما يستطيعون يدعون الإجماع على ذلك، هذا يريحنا و يكفينا دفعاً لشبهتهم لأنهم لا يقولون بالإجماع فنحن أولى ألا نقول بالإجماع إذاً طلبهم ساقط،
الجواب: إن الذي يدعيه المخالفون للشيخ رحمه الله في هذه المسألة هو أن الأمة بسلفها وخلفها، بفقهائها ومحدثيها و عبادها و زهادها طيلة أربعة عشر قرناً لم تعرف القول بحرمة صيام السبت في غير الفريضة قبل أن يقول الشيخ بذلك، ومحال أن تجتمع الأمة على ضلال.
وهنا قد يقول قائل إن أقصى ما معكم هو عدم العلم بالقائل بالحرمة وهو ليس علماً بعدمه، و "ما يدريكم لعل الناس اختلفوا؟ "، و أيضاً فإن حديث النبي صلى الله عليه وسلم يثبت بنفسه لا بعمل غيره بعده
والجواب:
1. القائلون بجواز صوم السبت على كل حال لهم سلفهم، والقائلون بكراهة إفراده لهم سلفهم، والقائلون بالحرمة لا سلف لهم، وإلا فالبينة على من ادعى.
2. إذا لم يأت القائلون بالحرمة بسلف لهم فإنهم يدخلون ضمن مجموع الأمة التي ذكرنا أنها لم تعرف هذا القول من قبل.
¥