3. أما قولهم لعل الناس اختلفوا فهذا إن كان مقبولاً من الإمام أحمد رحمه الله في زمانه فليس مقبولاً الآن بعد هذه القرون حيث دونت كتب الحديث والفقه واستقرت المذاهب، و هل يتصور إن كان القول بالحرمة هو الحق والصواب ألا يجد ـ لا أقول من ينصره ـ بل من يذكره طوال تلك القرون؟ و لو تنزلنا قليلاً و قلنا أنه ربما قال به أحد لم نعلمه، فهل تغير الأمر بالنسبة للأمة؟ أليس هذا القول قد خفي على مجموعها طوال تلك القرون؟ أليس هذا الخفاء يدل على أن ذلك القول ليس بالحق قطعاً.
4. الذي يتمسك بعبارة أحمد رحمه الله يجب أن يتذكر جيداً قوله " لا تقل في مسألة بقول ليس لك فيه سلف"
5. إن مسألتنا ليست من المسائل نادرة الحدوث بل تتكرر كل أسبوع و تتعلق بعبادة من أجل العبادات وقد ثبت عن الأكابر من الصحابة والتابعين والمحدثين والفقهاء والعباد إلى يومنا هذا صيام السبت إما لصيامهم الدهر و إما لصيامهم صيام داود عليه السلام، وما سمعنا أحداً أنكر عليهم صيام السبت، و إنا والله لا نعلم مسألة خفي فيها الحق هذا الخفاء وظهر فيها الباطل هذا الظهور، و هذه وحدها كافية في إثبات خطأ القول بحرمة صيام السبت في النفل.
6. إنه من الثابت أن عمل الكثير من السلف مخالف للقول بالحرمة و لم يثبت إنكار ذلك عن أحد فإطلاق عبارات مثل ما يدريك لعل الناس اختلفوا أو عدم العلم لا يعني العلم بالعدم في مثل هذه الحال سيفتح الباب على مصراعيه للمبتدعة و أهل الأهواء، فلو أنكرت عليهم مثلاً احتجاجهم بقوله سبحانه و تعالى {الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم} على جواز الحضرة معللاً ذلك بأن أحداً من القرون المفضلة لم يفهم الآية على مرادهم و لا عمل به، لقال لك عدم علمك بمن فهم الآية كذلك أو عمل بها على هذا الفهم لا يعني عدمه وما يدريك لعل الناس اختلفوا؟!! وفي هذا من الشر ما فيه.
7. أما كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم يثبت بنفسه لا بعمل غيره، فالذين يقولون بكراهة صيام السبت منفرداً قد أثبتوا الحديث وليس هذا محل النزاع و إنما فهم الحديث، فالاستشهاد بكلام الشافعي رحمه الله هنا ليس في محله، لأنه يتكلم عن دعم الحديث بعمل أهل العلم، والمخالفون للشيخ رحمه الله يتكلمون عن دعم أهل العلم لفهمه للحديث أنه للحرمة.)
و بعد أخي الكريم فقد قلتُ سابقاً أنني لا أريد أن أفسد موضوعك بنقل موضوعي إليه و طلبتُ منك أن تقرأ موضوعي بتأن كي لا تأتي بكلام رده موجود هناك وما ذاك إلا حرصاً على جهدنا ووقتنا، و حيث إنه يوجد معك إخوة يقرؤون ما أكتب و يعلقون عليه فليتك تطلعهم على بحثي أيضاً، لأنني أشهد الله أنني أطلب الحق فلو وجدته معكم واضحاً نقياً فأنا راجع إليه بإذن الله.
ختاماً أرجوك رجاء حاراً العودة للمنهجية في طرح نقاط البحث، فبناء عليه أعود و أطلب منك التالي:
1. بالنسبة لسلف القول بالحرمة: أن تناقش الاعتراضات المطروحة على النقول التي استشهدتَ بها، و أن تأتي بقرائن أو أقوال قطعية الدلالة لا أن تكون محتملة لأكثر من معنى، و التركيز على كلام الطحاوي رحمه الله ـ لأنه الأصل الذي اعتمد عليه الألباني رحمه الله فلو صح عنده شيء مما تحاول الاعتماد عليه لذكره ـ وقد خيرتك بين ثلاثة خيارات لا رابع لها على مقتضى القسمة العقلية.
2. بيان رأيك فيما ذكره محاورك تعليقاً على تنزيل كلام الشافعي رحمه الله على مسألتنا، أعني كون الحديث حجة بنفسه.
3. ذكر ما لديك بشأن الإشكال الثاني ـ على ترتيبك ـ أعني به فهم راوي الحديث، مع رجاء مراجعة ما ذكرتُه في بحثي حفاظاً على أوقاتنا و جهودنا.
و اعلم أخي الكريم أنك لو وجدتَ من يقول بالحرمة من السلف فهذا و إن قوَّى كلام القائلين بالحرمة فإنه لن يكون نهاية المطاف بل سيعني أن هناك خلافاً بين السلف في المسألة مما يلزم منه عدم الإنكار على القائل بالحرمة، و يلزم منه متابعة البحث لمعرفة الصواب من القولين.
أما إن لم نجد من السلف من قال بالحرمة فهذا في تقديري كاف للسلفي المنصف أن يرجع عن القول بالحرمة و يعده زلة.
و مع ذلك فأنت إن عجزت عن الإتيان بسلف للقول بالحرمة و تمسكت بهذا القول في الوقت نفسه فأنا معك في النقاش حتى النهاية بإذن الله لكن بشرط المنهجية في الطرح كما طلبتَ و التزمتُ و لم تفعلْ!!
اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[16 - 02 - 06, 12:02 م]ـ
أخي الكريم أبو عبد الله الساحلي ... بارك الله فيك
بالنسبة للترمذي رحمه الله فأنا اقتصرتُ على كلامه و هو أنه حسن الحديث و هذا كما أفهم يعني أنه من جملة المقبول عنده، فأين الخلل في كلامي؟
و لكن لي ملاحظة أرجو أن تتقبلها بصدر رحب وهي عن قولك في مشاركة سابقة " إذا سلمنا أنه فقيه " تعني بذلك الشيخ الألباني رحمه الله، و هي كلمة نسمعها من بعض طلبة العلم، و أنا حقيقة لا أملك أن أنكر عليك إن كنت في ذلك متابع لأحد من أهل العلم المشهود لهم، لكنني أنكر أن نتصدى نحن الصغار للحكم على الكبار، أذكر أنني قرأتُ يوماً أن الشيخ محمد بن إبراهيم شيخ الشيخ ابن باز رحمهما الله أثنى على الشيخ الألباني لكنه نبه إلى أن لديه (بعض) الشذوذات الفقهية، و فرق كبير بارك الله فيك بين هذه العبارة و عبارتك، نعم قد لا أنكر عليك إن قلتَ أن الحديث يغلب على الفقه عند الشيخ رحمه الله، أما تلك العبارة ـ لا سيما ـ إن لم يقل بها العلماء في حقه، فهذه محل نظر.
ختاماً جزاك الله خيراً على تعليقاتك المفيدة على الموضوع ... و دمت بعافية
¥