فما علاقة فهم المفتي هنا بفهم السلف الذي نتحدث عنه؟
و ليس لكلام ابن القيم رحمه الله تعلق بما نحن بصدده من التفرقة بين الفهم و العمل، بل هو ككل النصوص التي نقلتَها من قبل إنما هي تعيب و تذم من لا يعمل بحديث حتى يسأل عمن عمل به، و أعيد و أكرر يا أخي الكريم أن الذين يقولون بكراهة إفراد السبت بالصوم و يأخذون على الشيخ رحمه الله القول بالحرمة لا يأخذون عليه العمل بالحديث لأنهم هم أنفسهم يعملون به، لكنهم يأخذون عليه العمل به على غير فهم السلف، و الفرق واضح.
و قد لخص ابن القيم رحمه الله مراده بقوله" وطول العهد بالسنة، وبعد الزمان وعتقها لا يسوغ ترك الأخذ بها والعمل بغيرها ولو كانت سنن رسول الله لا يسوغ العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان أو فلان لكان قول فلان أو فلان عياراً على السنن، ومزكيا لها، وشرطاً في العمل بها، وهذا من أبطل الباطل وقد أقام الله الحجة برسوله دون آحاد الأمة وقد أمر النبي بتبليغ سنته ودعا لمن بلَّغها، فلو كان من بلغته لا يعمل بها حتى يعمل بها الإمام فلان والإمام فلان لم يكن في تبليغها فائدة وحصل الاكتفاء بقول فلان وفلان"
فالكلام واضح و هو موجه لمن يتوقفون عن العمل بالسنة حتى يعلموا مَن مِن العلماء عمل بها، و هذا لا علاقة له ببحثنا لا من قريب و لا من بعيد.
(أما بخصوص ردك على كلمة زلة وأنها مني)
فأكتفي بما قمتَ به من إحالة القارئ المنصف على ما دار بيننا بشأنها
أما سؤالي لك و لكل أخ يتابع الشيخ رحمه الله على القول بالحرمة ماذا كان سيقول لو لم يقل الشيخ رحمه الله بالحرمة، فقد أجبتَ بأنك لا تعرف ما كان سيكون الجواب في الواقع ثم قلتَ
(بل سأقول لك إن لم يقل الشيخ الألباني بهذا القول فسيهيئ الله عز وجل غير الشيخ الألباني من يقول بهذا القول وأنا اتبعه عليه , لأنني وبكل بساطة لا اتبع الشيخ الألباني في ذاته , وإنما اتبع ما جاء به من دليل)
و هنا مربط الفرس كما يقولون فأنت من حيث دريت أو لم تدري علقتَ قولك بالحرمة على عالم غير الشيخ رحمه الله كان سيهيؤه الله عز و جل كي يقول بهذا القول ـ و هو حكم الله كما تظن ـ فتتبعه عليه، مما يعني أنك لن تستطيع القول به إلا أن يهييء الله عز و جل لك مثل هذا العالم، فأقول ـ أحسن الله إليك ـ: فإن الملايين بل عشرات الملايين من المسلمين قبل الشيخ رحمه الله لم يُهيَّأ لهم من يقول بالحرمة طوال قرون فهل كان كل هؤلاء المسلمين في ضلال إذ لم يعرفوا حكم الله في المسألة؟
ليتك يا أخي الحبيب تفتح قلبك لهذا الكلام فو الله لو فعلتَ لكفاك بإذن الله.
إذا كان الحق هو حرمة صوم السبت و ما عداه باطل و ضلال، و النبي عليه السلام أخبر أن أمته لا تجتمع على ضلالة، فهل يمكن ألا يهييء الله عز و جل طوال تلك القرون من يجلي للناس حكمه في المسألة حتى يأتي الشيخ رحمه الله فيستدرك على الأمة هذا الخطأ؟؟ بالله عليك فكر ملياً و سل الله الرشاد قبل الجواب.
أما موضوع الكراهة فليس عندي أكثر مما ذكرتُه في الرد السابق حيثُ بينتُ من تصرف الأئمة أنهم لا يفعلون كما تفعل أنت و لكنك تعتبر أن ما جئتُ به من نقول علي و ليست لي، فأترك الحكم على ذلك للقراء الكرام.
و بعد فقد وعدتُك بذكر بيناتي على كونك لم ترد على كثير مما كنتُ أكتبُ لك، و أنا في الحقيقة كنتُ قد جمعتُ بعضاً منها لإنزالها مع ردي السابق، فهاهي الآن بين يديك و بين يدي القراء الكرام ليعلم الجميع أنني لا أتجنى عليك، مع ملاحظة أنها أمثلة فقط و ليست كل شيء، و ملاحظة أن بعضها قد قمت في ردك الأخير بالرد عليه فأبقيتُها لتعلم و يعلم القراء كم رداً انتظرتُ حتى يأتيني ردك.
1. ذكر الأخ الكريم أن ابن تيمية يذكر عن بعض العلماء القول بالحرمة، فبينت له خطأه في هذا الزعم في الرد 20 فلم يجب بشيء.
2. ذكر الأخ الكريم أن من الأدلة على أن للشيخ رحمه الله سلف في المسألة أن مذهب الشيخ هو عدم القول بقول ليس له فيه سلف فبينت له في الرد 23 أن هذا ليس بدليل لأن الشيخ مع كون هذا هو مذهبه إلا أنه يمكن أن يخالفه ناسياً أو مخطئاً لأنه غير معصوم، فلم يرد بشيء.
¥