تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أحسب الأخ الكريم يريد أن يقول " على الحرمة مطلقاً " لأنه لا خلاف على أن الحديث للنهي، على العموم وضوح معنى الحديث لم يمنع الترمذي رحمه الله ـ و هو أول من قبل الحديث من الأئمة بتحسينه له ـ أقول لم يمنعه من القول بالكراهة، و لو كان يعني بها التحريمية لأحال الألباني رحمه الله عليه بدل أن يحيل على عبارة الطحاوي، و مما يجدر ذكره أن الترمذي توفي 279 بينما توفي الطحاوي 321.

الامر الثاني: أن الطحاوي نفسه يعرف أن الحديث ظاهر الدلالة على النهى حيث قال (ففي هذه الآثار المروية في هذا، إباحة صوم يوم السبت تطوعا، وهي أشهر وأظهر في أيدي العلماء من هذا الحديث الشاذ، الذي قد خالفها) انتهى.

فهو يحكم على الحديث بالشذوذ لان هناك احاديث تجيز صيام السبت , وهذا الحديث يخالفها اى يحرم صيامه , فحكم عليه بالشذوذ.

الأخ الكريم هنا يتعامل بنفس الطريقة التي تعامل بها مع حكم ابن تيمية و ابن القيم على الحديث بالشذوذ، فهو يقول أن حديث النهي يخالف أحاديث الإباحة لذا حكم الطحاوي عليه بالشذوذ، و هذا ما نوافق الأخ الكريم عليه، لكنه يقول أن حكم الطحاوي على الحديث بمخالفة أحاديث الإباحة يعني أن الحديث يحرم صيام السبت، و كأن مخالفة الإباحة لا تكون إلا بالتحريم و هذا بالطبع ما نخالفه فيه، لأن الحديث فيه نهي و هو مخالف للإباحة بلا شك لكن النهي يمكن أن يكون للحرمة و يمكن أن يكون للكراهة و كلاهما مخالف للإباحة.

إن الذي يفهم من كلام الأخ الكريم أن هذا الحديث لو صح عند الطحاوي و سلم من الشذوذ فإنه كان سيقول بالحرمة بلا شك و الرد من كلام الطحاوي رحمه الله نفسه حيث قال:

شرح معاني الآثار [جزء 2 - صفحة 81]

(وقد يجوز عندنا والله أعلم أن يكون ثابتا [يعني حديث النهي] [و] أن يكون إنما نهى عن صومه لئلا يعظم بذلك فيمسك عن الطعام والشراب والجماع فيه كما يفعل اليهود فأما من صامه لا لإرادته تعظيمه ولا لما تريد اليهود بتركها السعي فيه فإن ذلك غير مكروه)

فعلى فرض صحة الحديث فإنه رحمه الله لا يحكم بحرمة صيام السبت كما يتمنى الأخ الكريم بل يقول أن صيامه غير مكروه أي جائز إذا لم يكن بغرض تعظيم السبت و مشابهة اليهود.

الامر الثالث:ان الاحناف اذا اطلقوا الكراهة فإنهم يريدون بها الكراهة التحريمية.

قال الالبانى فى تخذير الساجد (والكراهة عن الحنفية إذا أطلقت فهي للتحريم كما هو معروف لديهم) انتهى. وكما هو معلوم فالطحاوى كان حنفي المذهب.

و لكن قد ثبتَ عن الطحاوي رحمه الله استخدام الكراهة للتنزيه أيضاً فلابد لحمل كلامه على أحد المعنيين من مرجح، فهو في النقل التالي يرد على من يستدل على حرمة أكل لحم الضب بكراهة رسول الله صلى الله عليه و سلم أكله و يبين أن هذه الكراهة منه عليه السلام للتنزيه لا التحريم، و هاكم النقل:

شرح معاني الآثار [جزء 4 - صفحة 198]

قال أبو جعفر [هو الطحاوي نفسه] ففي هذه الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك أكله خوفا من أن يكون مما مسخ فاحتمل أن يكون قد حرمه مع ذلك واحتمل أن يكون تركه تنزها منه عن أكله ولم يحرمه فنظرنا في ذلك

قال في شرح معاني الآثار 4/ 199

" فقال قائل [هو مخالف الطحاوي الذي يقول بالحرمة] ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما هذا ما يدل على كراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكل لحم الضب قيل له [هذا رد الطحاوي الآن] قد يجوز أن يكون هذا على الكراهة التي ذكرها أبو سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي قد رويناه عنه لا على تحريمه إياه على الناس ... "

شرح معاني الآثار [جزء 4 - صفحة 202]

" فثبت بتصحيح هذه الآثار أنه لا بأس بأكل الضب وهو القول عندنا والله أعلم بالصواب"

فيمكن تلخيص كلامه رحمه الله كما يلي:

1 - كراهة رسول الله صلى الله عليه و سلم لأكل لحم الضب.

2 - يجوز أن تكون كراهة رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه للتنزيه لا التحريم.

3 - حيث إن كراهة النبي صلى الله عليه و سلم للحم الضب تحتمل عند الطحاوي التحريم و تحتمل التنزيه فقد احتاج لمرجح لأحد المعنيين لذا قال " فنظرنا في ذلك " ثم ذكر الأحاديث الأخرى التي قد ترجح أحد المعنيين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير