أخي الفاضل مجدي أبو عيشة ... أحسن الله إليك و بارك فيك و جمعني الله و إياك على هداه.
لقد وقع خطأ أخي الكريم في نقلكم عن حاشية ابن عابدين، هذا النقل الذي اقتبستموه من مكان ما فربما أن من نقلتم عنه قد أخطأ في النقل، و لكن قد حصل نوع تقديم و تأخير في الكلام أدى لتغير في المعنى و هو ما غيرت لونه في النقل التالي
[406 - 413]
كتاب الصوم ... الترجمة لانواع الصيام الثلاثة: أعني الفرض والواجب والنفل ... قوله: (ونفل) أراد به المعنى اللغوي وهو الزيادة لا الشرعي وهو زيادة عبادة شرعية لنا لا علينا، لانه أدخل فيه المكروه بقسميه ... (يعم السنة) ... (والمندوب) بالنصب عطف على السنة ... (كأيام البيض) ... (ويوم الجمعة ولو منفردا) ... (والمكروه) بالنصب عطفا على السنة أو بالرفع على الابتداء، وخبره قوله: كالعيدين وحينئذ لا يحتاج إلى التكلف المار في وجه إدخاله في النفل، على أن صوم العيدين مكروه تحريما ولو كان الصوم واجبا. قوله: (كالعيدين) أي وأيام التشريق. نهر. قوله: (وعاشوراء وحده) أي مفردا عن التاسع أو عن الحادي عشر. إمداد. لانه تشبه باليهود. محيط. قوله: (وسبت وحده) للتشبه باليهود. بحر. وهذه العلة تفيد كراهة التحريم، إلا أن يقال: إنما تثبت بقصد التشبه كما مر نظيره ط. قلت: وفي بعض النسخ وأحد بدل قوله وحده وبه صرح في التاترخانية فقال: ويكره صوم النيروز والمهرجان إذا تعمده ولم يوافق يوما كان يصومه قبل ذلك، وهكذا قيل في يوم السبت والاحد اه: أي يكره تعمد صومه إلا إذا وافق يوما كان يصومه قبل، كما لو كان يصوم يوما ويفطر يوما، أو كان يصوم أول الشهر مثلا فوافق يوما من هذه الايام. وأفاد قوله وحده أنه لو صام معه يوما آخر فلا كراهة، لان الكراهة في تخصيصه بالصوم للتشبه ... فصار جملة ما دخل في قوله: (ونفل) خمسة عشر بجعل العيدين اثنين، وجعل يوم الاحد منها على ما في كثير من النسخ، فافهم. لكن بقي عليه من المكروه تحريما أيام التشريق وصوم يوم الشك على ما يأتي تفصيله، ومن المكروه أيضا صوم المرأة والعبد والاجير بلا إذن الزوج والمولى والمستأجر، وسيأتي بيانه) ا. هـ
أخي الكريم لقد آثرت أن أطيل النقل قليلاً كي تضح الصورة للقراء الكرام، فكما لا يخفى عليكم أن للأحناف أصولاً و مصطلحات خاصة بهم فانظر مثلاً كيف يستخدمون النفل بمعناه اللغوي فيدخلون فيه السنة و المندوب و المكروه تحريماً و المكروه تنزيهاً، فمن لم يعرف ذلك فقرأ قوله في نهاية النقل " فصار جملة ما دخل ... " فلا شك أن الأمور ستختلط عليه.
أخي الكريم إن ما تراه دليلاً من النقل السابق على أن الشيخ الألباني رحمه الله له سلف في القول بالحرمة هو هذه العبارة " (وسبت وحده) للتشبه باليهود. بحر. وهذه العلة تفيد كراهة التحريم، إلا أن يقال: إنما تثبت بقصد التشبه كما مر نظيره ط. " و ليس فيها دليل على ذلك لأسباب منها:
1. أن ابن عابدين رحمه الله يناقش علة الكراهة و لم يجزم أنها للتحريم بل الظاهر أنه قد أحال على ما مر من كلام الطحاوي صاحب الحاشية، و قد قال الطحاوي: التشبه بأهل الكتاب لا يكره في كل شيء ... وإنما الحرام التشبه بهم فيما كان مذموما وما يقصد به التشبه قاله قاضيخان في شرح الجامع الصغير فعلى هذا لو لم يقصد التشبه لم يكره عندهما كما في البحر.
2. المعروف من مذهب الأحناف أن السبت يكره إفراده بالصيام كراهة تنزيه كالجمعة و عاشوراء، و أن المكروه تحريماً عندهم هو يومي العيد و أيام التشريق الثلاثة و يوم الشك على تفصيل في هذا الأخير.
3. النقل السابق بتمامه واضح من سياقه أن إفراد السبت من المكروه تنزيهاً لا تحريماً.
4. على فرض أن المراد هو كراهة التحريم، فليس على عمومه كما يقول الشيخ رحمه الله بل على الإفراد فقط، ثم أخي الكريم من القائل بهذا؟ ابن عابدين؟ الطحاوي المُحَشِّي؟ إننا يا أخي نطالب بأحد من السلف فهم الحرمة و من ذكرتُ إنما هما من المتأخرين فإن قبلنا بتفردهما و بأن يقولا بقول لم يسبقهما إليه أحد فقبولنا بتفرد الشيخ رحمه الله أولى عندنا بلا شك، و لكن كلا الأمرين غير مقبول.
أما باقي النقول أخي الكريم فلم يتبين لي وجه الاستدلال بها فأرجو البيان.
و أما الكراهة و المراد بها فالمتعلق منها تعلقاً وثيقاً بمسألتنا هو قول الطحاوي رحمه الله أن قوماً كرهوا صوم السبت تطوعاً، و قد دار نقاش حول هذه النقطة في مشاركات سابقة في الموضوع عسى أن تقرأها مشكوراً.
قلتَ أخي الكريم
والسؤال لمن تكلم انه مكروه ويصام: هل المكروه يتعبد بفعله؟
لقد ضربتُ في مشاركتي السابقة مثالاً بالنذر و أنه مكروه و الوفاء به واجب و أنه من العبادات، و أنا حقيقة متطلع لفوائد و تصويبات الأخوة الكرام حول ما كتبتُ، فلا تبخل علي بذلك أخي الكريم.
و قلتَ
وزعم الاجماع في مثل القول بجوازه منفردا امرا محالا لثبوت خلاف ذلك.
أخي الكريم أين ثبت خلاف ذلك؟ إن الإجماع المنقول عن ابن حزم مؤداه أن صائم السبت مأجور و قد وجهتُ هذا الكلام على ما ظهر لي، فما وجه الاعتراض أحسن الله إليك؟
في انتظار فوائد الأخوة و ... دمتم بعافية.
¥