تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

السنة أن ينزل المُصلي علي رُكبَتيْه وليس على يَديْه، والدليل على هذا، ما رواه أهل ((السُنن)) من حديث شريك بن عبد الله القاضي عن عاصم بن كُليْب عن أبيه عن وائل ابن حُجر قال (رأيت النبي r إذا سجد وضع ركبتيه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه)) (1)، وهذا الحديث بهذا الإسناد، وإن كان فيه ضعفاً لأن فيه شريك بن عبد الله القاضي، إلا أنه جاء بأكثر من إسناد، فجاء بثلاثة أسانيد من حديث وائل بن حُجْر (2)، وجميع هذه الأسانيد فيها ضعفٌ ولا يصح منها شئ، لكن بعضها يُقوّي البعض الآخر.

ويُؤيّد هذا ما ثبت في ((مُصنف)) ابن أبي شيبة من حديث إبراهيم النخعي عن الأسود ((أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه نزل على ركبتيه)) (3)، وقد قال النبي r (( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)) (4)، ولم يثبت عن واحد من الصحابة أنه خالف في ذلك.

وأما ما جاء عند بن خُزيمة من حديث الدَرَاوردِي عن أيوب عن نافع عن ابن عمر [موقوفاً] ((أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه)) (5).

فأقول: هذا الحديث باطل بهذا المتن، والصواب ما رواه أصحاب أيوب وأصحاب نافع عن ابن عمر أن النبي r قال: ((إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا سجد أحدكم فليضع يَدَيْه)) (6) وليس فيه أن النبي r كان ينزل على يديه.

وأما المتن السابق فمعلول بل باطل، لأن الدراوردي رحمه الله وإن كان صدوقاً، إلا أنه حدّث عن أيوب، وقد تُكلِمَ فيه عن أيوب، تكلم فيه الإمام أحمد والنسائي وقالوا: يروي المنكرات عن أيوب، وهذه الرواية من جُملة مُنكراته، وقد خَالف الثقات ـ أيضاً ـ من أصحاب أيوب وأصحاب نافع، عن ابن عمر أن النبي r قال: ((إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا سجد أحدكم فليضع يَدَيْه)) (7) وليس فيه قبل ركبتيه، وإنما قال: ((فليضع يده)) وبالفعل لا بُدَّ من وضع اليدين في السجود.

وأما الحديث الذي رواه أصحاب ((السنن)) من حديث الدراوردي عن محمد عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هُريرة أن النبي r قال: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل رُكبتيه)) (8).

فهذا الحديث باطل ومَلِيءٌ بالعلل إسناداً ومتناً، وقد ضعفه كبار الحفاظ، وعلى رأسهم:

1ــ البُخَاري، قال ((محمد بن عبد الله بن الحسن لا يتابع عليه، ولا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا)) (9).

2ــ حَمْزة الكِنَانِي ـ وهو من كبار الحُفاظ المَصريين ـ قال: ((هذا حديث مُنكر)) (10).

3ــ الخطابي صاحب ((معالم السنن)) قال: ((حديث وائل ن حُجر أصح من حديث أبي هُريرة)) (11).

4ــ أبو جعفر الطحاوي صاحب ((مُشكل الآثار)) و ((شرح معني الآثار)) فقد قوّى حديث وائل ن حُجر على حديث أبي هُريرة في النزول على اليدين (12).

5ــ الحافظ بن رجب الحنبلي فقد ضعّف حديث أبي هُريرة في شرحه لصحيح البخاري المُسمى بـ ((فتح الباري)) (13).

7ــ الإمام الشافعي، لأنه ذهب إلى حديث وائل بن حُجر، قال ثم يكن أول ما يضع الأرض منه ركبتيه ثم يديه ... )) (14).

8ــ الإمام أحمد، ويُحكى عنه روايتان في المسألة:

الرواية الأولى: النزول على الركبتين، وهذه صحيحة عنه في ((مسائله)) (15).

الرواية الثانية: أنه كان ينزل على يديه، ذكرها بعض الحنابلة (16)، لكن لا تصح عنه ولم نقف عليها صحيحة، بل الذي صَحّ عن الإمام أحمد ترجيح النزول على الركبتين.

9ــ أبو داود السِجسْتَاني صاحب ((السنن))، فقد دلّ كلامه على تقوية حديث وائل بن حُجر على حديث أبي هُريرة، نعم؛ ذكر كِلا الحديثين، لكنه بَوّب على حديث وائل بن حُجر حيث قال: ((باب: كيف يضع رُكبتيه قبل يَدَيْه)) (17).

10 ــ ابن حِبان البُسْتي صاحب ((الصحيح)) حيث بَوّب في ((صحيحه)) على حديث وائل بن حُجر فقال: ((ذِكْر ما يُسْتحبُّ للمُصلي وضع الركبتين على الأرض عند السجود قبل الكفين)) (18).

فكلام هؤلاء الحُفاظ يدل على أنهم يُرجِّحُون حديث وائل على حديث أبي هُريرة، وحديث أبي هُريرة ـ كما ذكرتُ ـ باطل سنداً ومتناً.

بَيَانُ بُطْلانِ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ سَنَداً وَمَتَنَاً:

فأقول: هذا الحديث باطل سنداً ومتناً.

أما بُطلان إسناده فمن وُجوه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير