تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نرى بعض المسلمين –وللأسف- يدخل في الربا من أوسع أبوابه، فيلغ فيه ولوغاً لا يطهره الماء ولا التراب، فتراه يستثمر في أسهم البنوك الربوية، أو يضارب فيها، أو في أسهم شركات لا تتورع عن الربا، إيداعاً واقتراضاً واستثماراً، وبأي نسبة كانت ولو كثيرة، والعاقبة أن يُمحق هذا المال، أو تُمحق بركته، كما قال سبحانه: (يمحق الله الربا)، وأما صاحبه فقد آذن بحرب من الله ورسوله، وما الظن بمن أعلن الله تعالى الحرب عليه – عياذاً بالله- هذا واقع.

وواقع ثانٍ: ممن جعل إشاعة الكذب مطيّته في تحقيق المكاسب وجني الأرباح، فترى مجموعة من المساهمين أو المضاربين في السوق يشترون أسهماً في إحدى الشركات بثمن بخس، وعلى سبيل التواطؤ، ثم يشيعون خبراً ما عبر منتديات الإنترنت وعبر رسائل الجوال، ونحو ذلك مما ينتشر معه الخبر انتشار النار في الهشيم، فيشيعون –مثلاً- بأن رأس مال تلك الشركة سيرتفع بسبب منحة، أو بأن للشركة مستحقات لدى الدولة سوف تتسلمها في القريب العاجل، أو بأنها ستوقع عقوداً معينة مع إحدى الدول، ... إلخ، ويكذبون مع هذه الإشاعة مئة كذبة!! فيشيع الخبر في أوساط المضاربين، ولا سيما الصغار منهم ممن لا يعي حجم الخطر المحدق بهم، فيقبلون على شراء أسهم تلك الشركة، فترتفع قيمتها بسبب كثرة الطلب، ويبيع أولئك المشيعون للخبر ما لديهم من أسهم، ثم تهوي القيمة السوقية لتلك الأسهم، ويتضح أن هذا الارتفاع خيال لا واقع، فتقع الكارثة بسبب تلك الإشاعة الآثمة، وشعار هؤلاء المتلاعبين بالسوق المقولة السائدة "اشتر على الإشاعة وبعْ على الخبر!! " وهكذا تكون أموال الناس ألعوبة في أيدي من لا أخلاق له، ومن غش المسلمين فليس منهم. وهذا واقع ثانٍ.

وواقع ثالث: سببه الطلبات والعروض الوهمية، فهو نجش بصورة عصرية!! فترى بعض ضعاف النفوس –وللأسف- يعرض عبر شاشات التداول عروضاً وهمية من خلال بعض المحافظ التي يديرها بالوكالة، فيعرض –مثلاً- عشرة آلاف سهم بسعر معين في إحدى المحافظ، ثم يعرض من محفظة أخرى وفي بنك آخر عشرين ألف سهم بنحو ذلك السعر، وهكذا من محفظة ثالثة ورابعة ... ، ثم يشتري عدداً قليلاً من هذه الأسهم –كعشر المعروض مثلاً- من محافظ أخرى بالسعر المعروض، حتى يوهم من يراقب هذا التداول بأن لأسهم تلك الشركة قوة شرائية تستحق الاهتمام، وهو في الحقيقة مناقلة للأسهم بطريقة التدوير، فيقبل الأغرار من المضاربين بشراء أسهم تلك الشركة، فيبيع عليهم أسهمه بالسعر الذي خطط له، ثم تهوي القيمة السوقية مرة أخرى، فيرجع هو ويشتريها بثمن بخس، وهكذا يربح في الدخول والخروج، في البيع والشراء، وبأسلوب مبالغ في القبح والدناءة. وهذه صورة من صور النجش المحرم، والذي حذر منه النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله:"ولا تناجشوا" قال الخطابي:"النجش: أن يرى الرجل السلع تُباع فيزيد في ثمنها، وهو لا يريد شراءها، وإنما يريد بذلك ترغيب (السوام) فيها ليزيدوا في الثمن، وفيه غرر للراغب فيها ... " وقال النووي: "وهذا محرم بالإجماع، والإثم مختص بالناجش إن لم يعلم به البائع". والبائع هنا في هذه الصورة هو الناجش!!

وتتجلى هذه الصورة من الكذب والتدليس في أسهم الشركات التي لا يتفق واقع الربحية في أسهمها مع واقع الشركة نفسها، أو بمعنى أوضح مع مواقع القيمة الدفترية للشركة، فربما ترى الشركة خاسرة من حيث الواقع، ومع هذا ترى المساهمين يضاربون في أسهمها بأرباح خيالية ربما تزيد في السوق على 100% أو 200% من قيمتها الحقيقية! وهذا واقع ثالث.

وواقع رابع: وهو عدم الشفافية في بثّ المعلومات المتعلقة ببعض الشركات المساهمة، بحيث لا يطلع على الأخبار المؤثرة في أسهم تلك الشركات إلا أفراد معدودون أو بعض (الهوامير) بلهجة السوق، وربما كان لأحد أعضاء مجلس إدارة بعض الشركات أثر سلبي في هذا الواقع، فربما بثّ بعض المعلومات لأحد (الهوامير) لعرض شراء الأسهم قبل ارتفاع قيمتها السوقية، وربما كان ذلك لنسبة بينهما فيشتري الأسهم بثمن بخس على حين غفلة من بقية المساهمين، ثم يبيعها بعد ذلك بسعر غالٍ بعد أن تُحقّق ارتفاعاً بسبب ظهور تلك المعلومة، لعلمهم المسبق بارتفاع سقف الأسهم لتلك الشركة، أو بدمج هذه الشركة مع أخرى ... إلخ، مما يؤثر إيجاباً في قيمة تلك الأسهم ... وهكذا في سلسلة طويلة من اللعب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير