تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ" (البقرة: من الآية109)، وقال تعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً" (الفرقان:31)، وقال تعالى: "وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ... " الآية (البقرة: من الآية120)، وهؤلاء الظالمون المعادون لدين الإسلام وللبشير النذير - عليه أفضل الصلاة والسلام-، هم في حقيقة الأمر يقومون بأكبر جريمة في تاريخ البشرية، إذ إنهم يحولون بين الناس وبين أكبر نعمة امتن الله بها على الإنسانية، ألا وهي نعمة الإسلام، كما أنهم في ذات الوقت يعرضون من سار في ركابهم واتبع ضلالهم لسخط الجبار - عز وجل - ومقته في الدنيا والآخرة، وإن المتأمل في الوقائع والحوادث في ماضي الزمان وحاضره ليظهر له بجلاء عداوة وكيد فئامٍ من أهل الكتاب من اليهود والنصارى للأمة المحمدية - على صاحبها أفضل الصلاة والسلام-.

وتزداد عداوة بعض المغضوب عليهم والضالين للمسلمين ويزداد جنونهم وجنوحهم عن قواعد العدل والعقل والحق كلما ازداد انتشار الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجاً، فعند ذلك يزداد حقدهم وحسدهم، وتطيش أحلامهم وأفهامهم، فتتوالى من قِبَلهم الحملات الجنونية الظالمة على كل ما هو مقدَّس ومعظَّم في دين الإسلام، وكان من آخر ما حدث في هذا المجال: الحملة الظالمة الآثمة التي تولّى كِبرَها، وحَمَلَ لواءَها بعضُ وسائل الإعلام المقروءة في دولتي (الدنمارك والنرويج) عندما أظهرت سيد البشرية – فديناه بالآباء والأمهات – صلى الله عليه وسلم - في بعض الرسومات الكاريكاتيرية الساخرة المسيئة، متجاوزةً حدود المنطق والعقل، ومنفلتة من كل القيم والمبادئ والأعراف في استهتارٍ واضح بدين الإسلام الذي يدين به ما يزيد على المليار نَسَمة من البشر على ظهر المعمورة.

وإن أهل العلم والدعوة في قبلة المسلمين ومهوى أفئدة المؤمنين مكة المكرمة - شرَّفها الله تعالى - لَيستنكرون هذه الحملة الظالمة الآثمة، ويتوجهون للعالم بأسره بهذا البيان؛ إحقاقاً للحق، وذباً عن عِرض سيد الخلق – صلى الله عليه وسلم -، وذوداً عن حياض الدين، ودفعاً لصيال المبطلين من اليهود والنصارى: المغضوب عليهم والضالين، مناشدين أهل الإسلام من الحكام والعلماء والدعاة ورجال الأعمال والإعلام وعموم المسلمين بأن يضطلعوا بواجبهم الشرعي في هذا الصدد، إذ إن مدافعة المبطلين ومراغمة الكافرين منزلةٌ عظيمة من منازل الدين. قال العلامة ابن القيم – رحمه الله -: (مغايظة الكفار غاية محبوبة للرب مطلوبة، فموافقته فيها من كمال العبودية، فمن تعبد الله بمراغمة عدوه، فقد أخذ من الصديقية بسهم وافر، وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته ومعاداته يكون نصيبه من هذه المراغمة) ا. هـ.

فيا حكامَ المسلمين: إن الواجب الشرعي يُحَتِّم عليكم الغضبَ لرسولكم - صلى الله عليه وسلم-، وإن أضعف الإيمان مما يجب القيام به حيال هذه الحملة الآثمة، هو سحب البعثات الدبلوماسية احتجاجاً على هذه الممارسات الظالمة، وليتذكر كل واحد منكم أن هذا العدوان الآثم على رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - لو كان موجهاً لواحد منكم لأقام الدنيا ولم يُقعِدها غضباً وانتقاماً، فليكن غضبكم وحَميَّتكم لرسولكم - صلى الله عليه وسلم - أكبر من غضبكم لأنفسكم ودنياكم، وتذكروا قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين وفي رواية: "من أهله وماله والناس أجمعين"، أخرجه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه.

ويا علماءَ الإسلام ودعاةَ الملة: إن الواجب الشرعي يحتم علينا جميعاً، أن نقوم بتوظيف هذا الحدث توظيفاً إيجابياً بتكثيف الجهود في دعوة الناس لدين الإسلام والتركيز على ثوابت الدين ومحكماته، وفي مقدمة ذلك بيان عقيدة الولاء للمؤمنين والعداء للكافرين، وتجلية سيرة سيد الخلق - عليه أفضل الصلاة والتسليم-، إذ إن هذا هو الرد الناجع والمؤلم لأعداء الإسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير