والثاني: تنازلَ وسامحَ في شيء ليس من حَقِّهِ، وليس الأمر فيه إليه، وقد قدَّمنا ذلك، فالمقاطعة ماضية لا غاية لها ولا نهاية.
الرَّابعة: قد سَمَّى بَعْضُ أهل البدع والأهواء، غَضَبَ المؤمنين لنبيِّهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، واغتياظَهم ممّا نُشِرَ في حَقِّهِ «تقاليد تفرض على أولئك التقدّم باعتذار صريح ينشر في كبريات الصحف العربية»!
وهذا باطلٌ من وجهَيْنِ:
أحدهما: أَنَّ هذا شَرْعٌ من عند الله، دَلَّ عليه الكتاب والسّنّة والإجماع، ومَنْ لم تُحْدِثْ عنده تلك الأفعالُ غضبا ولا غيظا فليس بمؤمن. وليستْ تقاليدَ وأعرافًا إِنْ فُعِلَتْ أو تُرِكَتْ فالأمرُ فيها سيان!
الآخر: أَنَّ الاعتذار من الحكومة أو الصحيفة ليس مُسْقِطًا لحقِّ الله جَلَّ وعلا، ولا حَقَّ نبيِّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ولا حَقَّ المسلمين أجمعين. وليس حُكما من الله تبارك وتعالى في شاتمي رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والنائلين من جنابه الشَّريف. وإنما هو شَرْعٌ شَرَعَهُ ذلك الفاسدُ، مُضاهيًا به شَرْعَ الله وشَرْعَ رسولِه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، مُنزلاً حُكْمَهُ هو مكانَ حُكْمِهما!
ومُحاولةٌ منه فاشلةٌ: أَنْ يُظْهِرَ لأعداء الله مَخْرجًا مما وضعوا أنفسَهم فيه، وأَنْ يُظْهِرَ نفسَهُ لهم أَنَّهُ الدَّالُّ إليه والدَّليل عليه!
الخامسة: أَنَّ الأمَّة مجتمعةً فيها قُوّةٌ وخيرٌ، وأنَّها إذا اجتمعتْ على الحقِّ عجز فيها عدوُّها أَنْ ينال منها أو يخيفَها، فإظهار هؤلاء الكفار في صحفهم الأوروبية الطعنَ والاستهزاءَ بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَنًا، جَعَلَ المسلمين مُتّحدين في عدائهم، مُستشعرين خطرَهم وكيدَهم، وجعل أعداءَهم مُتذبذبين خائفين مِنْ عواقب ذلك وتبعاتِه عليهم. فكُلُّ ما كان عداء أعداء الله للمسلمين ظاهرا: كان تعاونهم على مدافعتِه عظيما.
وكُلُّ ما كان عداؤهم للمسلمين مُستترا تحت أغطيةٍ يصنعونها تلبيسا، أو يصنعُها لهم المنافقون من علمانيين وليبراليين وغيرهم: كان ذلك مُشَتِّتًا لكلمة المسلمين مُفرِّقًا لاتّحادِهم وتعاونهم لمدافعة عدوِّهم، حَتَّى يُؤْخَذُوا دَوْلَةً دَوْلَةً!.
السَّادسة: أَنَّ إطلاق الغَرْبِ مُسمَّى «الإرهاب» لا يُريدون به المعنى الذي نريده نحن عند إطلاقنا له في المملكة، وإنَّما يُريدون به الإسلامَ ونبيَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، يَظْهَرُ ذلك من رسومِهم للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، حين صوَّروه بِصُوَرٍ تَدُلُّ على مُرادِهم!
لذا فالواجب في هذا أَحَدُ أَمْرَيْنِ:
1 - إِمَّا الاقتصارُ على الألفاظ الشرعية، الدّالة على المعنى المُراد، كالحرابة، والمحادّة، ونحوهما، وتَرْكُ لفظ «الإرهاب». لمعرفة مدلول تلك الألفاظ، وجهالة مدلول الأخير، وتنازع النّاس فيه دولاً وأفرادًا.
2 - وإِمَّا حَدُّهُ عالميًا بِحَدٍّ مُنْضَبِطٍ، وتعريفه بتعريف بَيِّنٍ، ثم إطلاقُه عليه، إِنْ كان ذلك الحدُّ مُسلَّمًا صحيحا.
السَّابعة: أَنَّ أعداء الله المحادّين له لم يجدوا عُذْرًا يعتذرون به على قبيح فَعْلَتِهم وعظيم جُرْمِهم، إلا سماح قوانينهم بحرّيّة التعبير وحرّيّة الصحافة! ومع أَنَّ هذه حُجّةٌ مدحوضةٌ، فليس كُلُّ مَنْ أراد شيئا في الغَرْبِ قاله! كما أنهم لا يسمحون لغيرهم بقول ما يريد إذا كان مخالفا لهم.
فَمَعَ هَذَا كُلِّهِ: فيجب على المسلمين أَنْ يتنبَّهوا إلى ما يُرَادُ بهم مِنْ سَعْيٍ إلى فتح حُرّيّة التعبير المُطلقة عندهم وفي وسائل إعلامِهم، التي يُراد منها تمرير الكفر والمحادّة لله ولرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، والإذن به، ولا يظنون أنهم بها يستطيعون قول ما يريدون مما يخافون قولَهُ ويخشون عاقبتَه. وإنَّما يُسلِّطون أعداءَهم عليهم، وهم لا يستفيدون مِنْ ذلك شيئا!
وَفَّقَ اللهُ المسلمين لما يُحِبُّهُ ويرضاه، ونَصَرَ دينَهُ، وأعلا كلمتَهُ، وأعزَّ جُنْدَهُ، وأهلكَ أعداءَه، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، ولكنَّ المنافقين لا يعلمون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
كتبه
عبد العزيز بن فيصل الرّاجحي
الرياض
الجمعة 4/ 1/1427هـ
ـ[أبو ممدوح]ــــــــ[08 - 02 - 06, 09:56 ص]ـ
أصدر الداعية الإسلامي الكويتي الشيخ ناظم المسباح فتوى أهدر فيها دم رسام الكاريكاتور الدنماركي الذي نشر رسوم كاركاتور في صحيفة دنماركية أثارت استياء كبيرا في العالم الإسلامي الذي اعتبر أنها مسيئة للنبي محمد،
وذكرت صحيفة كويتية أن فتوى المسباح "جاءت خلال ندوة نظمتها قائمة الأفق الإسلامي في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي, وعقدت في ديوان الخنة في منطقة الفيحاء"، حيث "طالب المسلمين في كل بقاع الأرض بالتصدي لتلك الاعتداءات الصارخة على المسلمين ونبيهم بعدما بلغ السيل الزبى"، لافتاً إلى أن "السكوت عن تلك الجريمة عارٌ على الأمة الإسلامية".
ونقلت صحيفة "السياسة" الكويتية عن المسباح قوله إنه "لو تطاول أي أحد على بلدنا فإننا لا نرضى بذلك وتقوم الدنيا ضده, فكيف بمكانة الرسول صلى الله عليه وسلم?", مؤكداً أن "تلك الجريمة هي أمر عظيم بإجماع أهل العلم ولابد أن يقتل من يتعرض للرسول بسوء, حتى ولو كان بالتعريض, والأدلة موجودة في مؤلفات ابن تيمية".
¥